ليست هذه المرة الأولى التي تنطلق فيها الدعوات بالتحذير لما يحاك في الخفاء والعلن ضد مصر والمصريين، في مطلع السبعينات من القرن الماضي دخلت مصر عصر الوهابية والإسلام السياسي برعاية الدولة المصرية بكل أجهزتها ومؤسساتها ودستورها لدعم توجهات الدولة الإسلامية في مصر، ودفعت مصر الثمن باغتيال رئيس الجمهورية في عام 1981، لم تنتبه الدولة كلها لناقوس الخطر الذي كان لا يكف عن الدق في أذهان أصحاب القرار الأول والأخير في مصر، الإرهاب يزحف على مصر ولن يتوقف قبل تدمير كامل لهذا الوطن ، ولم يستمع لكل الأصوات التي بحت من أجل الانتباه لهذا الخطر، والأخطر أن قامت الدولة المصرية بذبح عدد لا يستهان من المثقفين والمفكرين علي مذبح الإرهاب والتخلف والإسلام السياسي، الأصوات تتعالى منذ وقت طويل وتحذر من تفشي ظاهرة النقاب في كل أركان الدولة خطر داهم يزحف على مصر بقوة، الجماعات السلفية المدعومة داخليًا واقليميًا تتآمر على حضارة هذه الدولة وتدفعها دفعًا نحو التخلف، حاول أحد الشخصيات العامة في مصر وهو رجل أعمال منع تواجد أي منتقبة في مجال عمله، وكانت المفاجأة المدوية التي جاءت له صريحة وواضحة بوقف هذا القرار وفي حال رفضه كان سيكون هناك إجراء ضده، فتوقف الرجل وتعجب من هذا السلوك، الجميع يعرف في مصر كراهية هذه الجماعات السلفية للثقافة وليس لديهم أي مشروع حداثي لحكم مصر، لديهم مشروع واحد هو تديين المجال العام في مصر وإرجاع مصر للوراء قرونًا طويلة لصالح قوى إقليمية ودولية ترغب في السيطرة على المجال العام في مصر وتمزيق وتشتيت قدرة هذه الدولة على قيادة المجتمع إلى الأمام، الكيانات السلفية في مصر تتربص بكل خطوة تخطوها مصر إلى الأمام، تساندهم مجموعات مريضة لا تحمل في نفوسها أي خير لهذا الوطن، يجاهرون بهذا الأمر علانية ويتمنون سقوط الدولة المصرية اليوم قبل الغد، يدفعون المجتمع للصراع والقتال طوال الوقت، يرغبون بشدة في توريط الدولة المصرية في أي صراع خارجي، مثلما كان في عام 1967 وكانت الهزيمة وبداية انقضاضهم على الشارع المصري، الآن تستعد هذه الكيانات مرة أخرى لفعل هذا الأمر، المؤامرة على هذا البلد لا تتوقف، السماح لهم بالاستمرار في التواجد والزحف على المجتمع جريمة في حق المصريين مهما كانت الدوافع وراء هذا السلوك، عدم منع النقاب في الأماكن العامة وفي اجهزة الدولة المختلفة يعني أن هناك موافقة صريحة علي تمدد هذه السرطان في جسد مصر .
بقلم / د سمير فاضل
- أخطر من احتكار وتهريب السلع الغذائية
- أخطر من الحمير المذبوحة
- أخطر من كل حوادث الطرق
هذا الصمت المذهل من أطباء مصر حول ما يجري على شاشات الفضائيات المصرية ويتسلل لكل البيوت بلا ضابط أو رابط:
* قنوات تكاد تتفرغ بالكامل لبرامج مدفوعة الأجر لساعات طويلة في حوارات خادعة تبيع الزيف والوهم والمرض للناس.
جلست امام التلفاز اراقب حوارا سفيها بين مذيعة وضيفتها الملقبة بالدكتورة الاشتشارية وهي عطّار على شاكلة عادل عبد العال..
جلست أعذب نفسي بتأمل ما تقوله "الدكتورة" مدعية الطب مع المذيعة مدعية الإعلام وراحت تصف فسيولوجيا لم ندرسها في كلية الطب، اللهم إلا إذا كانت تقصد كائنات من المريخ، استمعت لها في ذهول وهي تقول أن العلاج بمسحوق الذهب الممزوج بالكافيار يحذف عشر سنوات من عمر الانسان المسن، وخد بالك من التركيبة اللى بتحتوى على أغلى مادتين في السعر كافيار وذهب، لأن بعض الناس لا يعرف الكافيار الا من افلام عادل ادهم في السهرات الماجنة، وناس تانية بتلبس الدهب المستأجر أو الدهب القشرة ليلة العمر.
المهم، أتاري مسحوق الكافيار بيمنع الأوعية الدموية اللى في الشعرة من التجلط!!
طلع ان الشعره جواها أوعية دموية!! وممكن يطلع جواها هيكل عظمى..
أتفّهم اللهفة على الربح من قبل هذه القنوات، ولكن الأمانة المهنية تقتضي تذييل الشاشة بملاحظة أن المادة المذاعة لا تمثل وجهة نظر القناة وأنها فقرة مدفوعة الأجر وأن محتواها على مسئولية صاحبها.
قنواتنا المنفلته بلا ضابط أو رابط لن ترتدع الا عندما تنكوي إحداها بقضية تعويض مالى يخرب بيتها، وعندها ستبدأ بقية القنوات أخذ تدابير الأمانة الإعلامية.
الصمت جريمة ابشع من الجرم نفسه.
بقلم د.بهي الدين مرسى
منذ سنوات لفتت إنتباهى ظاهرة غريبة عجيبة ،هى تشنج الكثيرين وتعصبهم لأفكارهم ومعتقداتهم " الدينية على وجه الخصوص" ، وليس ذلك فحسب، بل اللافت للنظر ويحتاج إلى وقفة للتحليل والتفهم هو أن أغلب هؤلاء المتشنجين ليسوا ملتزمين دينياً !
فكنت أسال نفسى طالما أن هذا الشخص لديه هذه الغيرة على الدين هكذا فلماذا لا يطبق تعاليم الدين على نفسه !
والأمثلة الأكثر وضوحاً فى الواقع المصرى :أنك تجد أكثر المدافعين عن "الحجاب" فى الإعلام مثلاً مذيعات غير محجبات ! وهجومهم غير المبرر وغير المنطقى على الدعوة "بحرية خلع الحجاب أو أرتدائه "
وعلى الجانب الآخر تجد أكثرهم بُعداً عن تعاليم الكتاب المقدس هو المدافع الأول والشرس عن "عدم السماح بالزواج المدنى " وعن الشعار" لاطلاق إلا لعلة الزنا" والذى تحول إلى شعار سياسى تعبوى على شاكلة شعارات الجماعات الأصولية "الإسلام هو الحل"!
تنقسم هذه الظاهرة إلى شقين :
الشق الأول :وهو الهجوم والرغبة العارمة فى الشتيمة والجهاد فى سبيل الله .
الشق الثانى :وهو أنه أغلب الشتامين والمدافعين عن نصوص وطقوس الدين ليسوا مُتبعين على طول الخط لتعاليم الدين فى حياتهم الشخصية ! .
وتفسيرى للشق الأول لهذه الظاهرة :
أولا: الجهل المقدس : وهو أن الانسان ينشأ فى بيئة دينية ويتم تلقينه بعض الجُمل الإنشائية البسيطة ،وتحفيظه لبعض النصوص الدينية دون فهم أو وعى ، ولا يفكر فى صحة أو خطأ هذه التعاليم ! ( سواء كان السؤال : هل هذه التعاليم دينية بالأساس؟ هل يمكن أن تكون هذه تعاليم الله ؟..أو هل هذا الكلام أو هذا الفهم يتفق مع الدين ؟ ) لا يمكن لهؤلاء المتشنجين التفكير ولو لحظة فيما سمعوا وحفظوا ورددوا كالببغاوات وهم أطفال ! فهؤلاء الدين لديهم بمثابة "هروب نفسى "من الواقع حسب القاعدة الشهيرة : "كلما ضاقت الأرض ،تطلع الانسان إلى السماء" فالدين –عندهم- محاولة للهروب من الواقع المرير بالإلتجاء إلى السماء ، والوجود تحت مظلة جماعة "هم أبناء الله فقط " وباقى العالم من الأشرار الذين يحاربون الله!
ثانياً: الجهاد المقدس :وهذا نتيجة طبيعية لما سبق فالجهل لا يستطيع أن يصمد أمام الحوار العقلانى ، ولا يستطيع أن يصمد أمام النقاش العلمى ، ولا يستطيع أعظم المناطقة (دارسى علم المنطق ) إقناع شخص واحد من هؤلاء "أصحاب الجهل المقدس" حتى وإن حشد مئة دليل منطقى على فكرته ! فالمتعصب لا يفهم لغة المنطق، فهو لا يفهم إلا لغة السب والشتيمة والبحث فى النوايا –فى أحسن الاحوال – أو الضرب والقتل والتفجير إن لزم الأمر !
فيبدأ الجهاد على صفحات الفيس بوك بشتيمة وتكفير وسب أعراض المخالفين فى الرأى ،وينتهى بالجهاد فى جماعات مسلحة ،والجهاد المفضل لديهم جهاد النكاح!
أما عن الشق الثانى من الظاهرة :فالأمر يعود من وجهة نظرى إلى"هلعهم النفسى " وشعورهم بالتقصير الدينى فيحاولون أن يكفروا عن أخطائهم وخطاياهم –تقرباً لله – بالدفاع عن دينه !..فهذا الهجوم العنيف الذى يشنه الرعاع /أعداء الحرية هو نتيجة لعدم رغبتهم أوعدم قدرتهم على ممارسة تعاليم الدين على حياتهم الشخصية فيلجأون إلى محاولة فرض تعاليم الدين بالقوة على باقى البشر !
فالمؤمن الحقيقى يا سادة لا يحتاج إلى قوانين لكى تحثه على تنفيذ وصايا الله ، بل يتجه هو بكل كيانه لتنفيذ وصايا الله – بإرادته- ولا يطالب بقوانين لمنع الآخرين عن مخالفة التعاليم التى يظن هو أنها كلام الله ! بل يطبق هو تعاليمه على نفسه ، ويصلى للآخرين ويعلن ما يراه حقا بالمحبة والموعظة الحسنة!..فمن أنتم ؟
الحق يحرركم
و سلام على الصادقين
بقلم أ/ باهر عادل نادي
مقالات نعاود نشرها لعل الذكرى تنفع أهل مصر. وكان استخدام الإسلام كأيديولوجية من قبل نظام السادات من شأنه التأكيد على الهوية الدينية لأعضاء المجتمع المصري على تنوع هوياتهم، ومن ثم أفسح النظام المجال واسعاً ورحباً لتفاقم مظاهر التعصب الديني لكي يفرخ ويتزايد ويستفحل أمره وتشتد سطوته إلى حد الخروج عن طوع من أسبغوا عليه رعايتهم وعنايتهم ليكون سلاحهم في قهر وتطويع معارضي النظام.
وكانت محصلة ذلك كله خلق التوترات بين المسلمين والمسيحيين من المصريين، وإذكاء نار الفتنة الطائفية وحدوث وقائع احتكاك وعنف بينهم بلغت أوجهاً في الصدام المسلح الذي وقع في ضاحية الخانكة القريبة من القاهرة في نوفمبر من عام 1972. ونما تيار العنف بين هؤلاء وهؤلاء، واكتسب قدرة ذاتية متنامية على الحركة مكنته من التصرف المستقل التي تتجاوز قدرة النظام على تطويعه والسيطرة عليه، وقد اتجه هذا التيار إلى استخدام العنف وتكريس العزلة عن الآخر الديني، وكانت النتيجة البالغة الأهمية والتي تولدت عن أحداث الفتنة الطائفية في مدينة الخانكة هي إمكانية تعبئة وحشد الأغلبية من المصريين على أساس ديني، وباعتبارهم مسلمين أولاً، وعليه وجدت الظروف الموضوعية لبزوغ مشاعر إسلامية قوية وحادة يمكن للطبقة الحاكمة استغلالها وتوظيفها في عمليات دعم وتعزيز استراتيجياتها في التحول وإعادة الإدماج في النظام الرأسمالي العالمي وفي إعادة تشكيل علاقات القوة والسيطرة داخل المجتمع المصري.
واستطاع النظام الحاكم في ذلك الوقت أن يروج لإشاعات تتعلق بما زعمه بمؤامرات الأقباط التي تستهدف المسلمين، وبينما كانت الجماعات الإسلامية التي يرعاها النظام تحاول التأكيد على الهوية الإسلامية والانتماء الديني، فإنها كانت في الوقت ذاته تميل إلى نفي وحذف الهوية الدينية للآخر الديني، وأعني الأقباط، بل واعتبرتهم مواطنين من الدرجة الثانية أو ذميين داخل المجتمع المسلم؛ وأدى هذا بدوره وكرد فعل، إلى بعث وأحياء نزعة التمركز حول الذات لدى المسيحيين من المصريين.
لقد اقترنت محاولات خلق وتكوين هوية دينية إسلامية بديلة للهوية القومية والوطنية، بحملات دعائية تركز على الأخطار المزعومة التي تحيط بالمسلمين، وتهدد وجودهم ودينهم بسبب السماح للمسيحيين، النصارى، بشغل مناصب وأدوار مهمة في جهاز الدولة التي يجب أن تحكم وفقاً لأوامر القرآن وأحكام الشريعة، ومع انتشار وتوسيع فكرة الخطر والتهديد المزعوم، كانت دعوة أعضاء الجماعات الإسلامية لضرورة وحدة المسلمين من المصريين وتكتلهم لمواجهة ما يتهدد وجودهم، وكانت هذه العملية، عملية خلق وتأسيس هويات دينية بديلة للانتماء القومي والوطني، كانت تعني بدورها أن تفاعلات أبناء الوطن الواحد، أهل مصر، سوف تنتظم من الآن فصاعداً على أساس ديني ويبقى بعد ذلك، أن الأيديولوجية الإسلامية التي تم تبنيها من قبل الطبقة الحاكمة والتي يتم الترويج لها، سيكون من شأن تطورها تمزيق النسيج الاجتماعي المصري وتقويض الانسجام الطائفي بين الأقلية القبطية والأغلبية المسلمة، ذلك أن امتدادها المنطقي يفضي إلى تحويل المصريين إلى جماعات أثنية مسلمة ومسيحية، وحيث ستسمح مجموعة القوانين التي من المحتمل تشريعها في هذا السياق الإثني، بالتداخل بين الجماعتين في بعض قطاعات ومؤسسات المجتمع، بينما تحظر التفاعلات بينهما في قطاعات أخرى، ليس فقط على الصعيد الثقافي، وإنما أيضاً على المستويين الاقتصادي والسياسي.
بقلم / د.عبد الله شلبي
الانتماء يعني القبول كعضو أو جزء من الدوائر الاجتماعية المتعددة، ويكون الشعور بالانتماء والتواصل هو التعبير الذي يدل على وجود تجربة مشتركة.
إن الشعور بالانتماء وما يصاحبه من قدرة على التواصل مع النفس والمجتمع هو حاجة إنسانية، تماما مثل الحاجة إلى الغذاء والمأوى.
وتعتبر مرحلة المراهقة المبكرة من أهم المراحل لغرس المفاهيم والمعارف والقيم، وذلك لأن ترسيخها في مرحلة المراهقة، وتنشئة الطفل عليها يجعلها عنصراً مكوناً لشخصيته.
وفي ظروف الانفتاح بكل أنواعه فُرض على الكثير من دول العالم تحديات كبيرة استدعت ضرورة إعادة النظر في أساليب وطرق تربية الأبناء وتوجيههم الوجهة الصحيحة. فلذلك أصبح التواصل وغرس الانتماء ضروري لما له من مردود ملموس في تنمية حبهم لبلدهم.
يجد البعض الانتماء إلى دور عبادة، وبعضهم مع الأصدقاء، مع العائلة، والآخر على وسائل التواصل الاجتماعي. وهناك من يروا أنفسهم على اتصال فقط لشخص أو شخصين.
آخرون يعتقدون ويشعرون بصلة لجميع الناس في جميع أنحاء العالم وكأنه يتواصل مع البشرية.
ويوجد من تجده يكافح من أجل إيجاد شعور بالانتماء والوحدة وهو مؤلم بالنسبة لهم.
ولمن الغريب ان يسعى البعض إلى الانتماء من خلال استبعاد الآخرين. وكأنه غير قادر علي الشعور بالانتماء والتواصل فيستبعد من الدوائر التي حوله من هم قادرون على الشعور بالانتماء والتواصل ويبقي الفرد وحيداً وغالبا ما يخلق هذا الفعل جواً من الألم والصراع والغضب.
على النقيض، فالشعور بالانتماء إلى مجتمع أكبر يحسن من نفسية الفرد، وصحته، وسعادته. الشعور بالانتماء لمن حولك وإمكانية التواصل الفعّال معهم لهو بمثابة مشروع للبناء!
الشعور بأنك تنتمي هو الأكثر أهمية في رؤية القيمة في الحياة وفي التعامل مع المشاعر المؤلمة بشكل مكثف.
فالشعور بالانتماء يتطلب جهد نشط وممارسه وطرق للعمل على زيادة إحساسك بالانتماء مثل:
-البحث عن طرق تتشابه مع الآخرين.
-العمل على قبول الآخرين.
-قبول الآخرين والآراء التي ليست هي نفس آرائك او قناعاتك.
-كما قد تتطلب منك أن تفتح أفكارك لفكرة أن هناك قيمة في التفكير الجماعي.
-وضع حدود تحميك وتحمي من حولك.
التواصل لا ينفصل أبداً عن الانتماء لان كلاهما ينظم الاخر فلا يمكن ان يتمتع الفرد بانتماء بدون قدرة على التواصل.
للوصول لأفضل الطرق للتواصل لابد ان يعي الفرد:
- مبدأ القبول المبني على المصادقة
- وأيضاً التحقق من صحة الرأي الاخر مما يبني شعورا بالانتماء ويقوي العلاقات.
وتلك المصادقة هي الاعتراف بأن تجربة شخص ما مفهومة ومقبولة مما يقوي الشعور بالانتماء
لذا يجب ان نسعى لا نتمنى فقط ان نحقق هذا كله من خلال الناشئين من الشباب كما يلي: -
1 - تفّهم طبيعة مراحل النمو في التواصل، باعتبارها خامة قابلة للإرشاد والتوجيه والصياغة والتشكيل.
2 - عمل لقاءات حوارية، وإفساح المجال للتعبير عن ما يجول في خاطرهم.
3 - غرس وتنمية روح الإبداع والابتكار وتنمية قدراتهم للإسهام في صنع درجات الصعود إلى المستقبل.
4 - إكسابهم مهارات التفكير الإبداعي.
5 - تشجيع على المشاركة.
بقلم ا. ريهام الفريد
كلما علت اصوات دقات الطبول، ونشيج النايات، وارتعاشات الأوتار؛ وجدت صوت هتاف قلبى أعلى منها جميعا ....
وأدركت حينها إنما رفع داقوا الطبول، أو الآلات الوترية، أيديهم، ولا تجهزت كل أعضاء أجسادهم للعزف، واستجمع عازفوا آلات النفخ أنفاسهم ليخرجوا لنا تلك الأنغام التى نسبح فيها بكل حواسنا، خروجا من عالمنا الذي ربما نستطيع وصفه بالكلمات، إلى عالم لا مجال لوصف لحظة من التواجد فيه، ولا بلغات العالم، ولو أتينا بأخبرنا غوصا فى بحار الوصف؛ إلا بتلك الطاقة الصادرة من معزوفات كونية تحتضننا..
حالة الإستماع الى الموسيقى التى يتم عزفها بالفعل، ويتفق الأغلب على أنها موجودة، هى طاقة حركية تسببها موجات اهتزاز الأسطح، والأوتار، مما يتسبب بالتالى فى اهتزاز الهواء حولها فى موجات دائرية تشبه إلى حد كبير تلك الموجات التى يسببها قذف جسم صلب فى بركة ماء راكد، وهذه الموجات الهوائية التى تحمل الكثير من التخلخلات، والإنضغاطات تهز طبلة الأذن لدى كل منا، فتنقلها للمخ، مستشعرات عصبية خاصة بالجهاز السمعى لدينا، وتفسرها خلايا المخ السمعية إلى تلك الأصوات التى نعرفها.
هذه الأصوات يمكن قياس قوتها، وكذا اختلافها عن بعضها البعض بأجهزة وآلات مختصة بذلك نسبة الخطأ فيها غاية فى الضآلة ...
هذا من ناحية الشكل الفيزيائى الميكانيكى..
أما ما تفعله تلك النغمات فى كل منا فهو بالطبع يختلف من شخص إلى آخر وفقا لعدة أسباب، أبسطها وأكثرها تفصيلا وعمقا؛ ألا أحد فينا يشبه الآخر بأى حال ...
فكما أن بصمات الأنامل، والأقدام، والصوت، وكذا بصمة بؤبؤ العين مختلفة من شخص إلى آخر، كذلك لكل منا قسماته الخاصة به، وكذلك ملامح شخصيته، وبالتالى، مستقبلاته ...
وعلى ذلك، فإن اختلف المُسْتَقْبِل، اختلفت الإستجابة ...
وحتى فى الشخص الواحد، قد تختلف درجة استقباله لنفس الأمر من وقت إلى آخر!!
وفينا من يستمع إلى الموسيقى، فلا تحرك فيه هدبا واحدا، وفينا من إذا استمع اليها حركت كل ذرة فى كل خلية من جسده، وكل ومضة من روحه ...
بل الأشد من ذلك، مما يدعو البعض منا للعجب، أن بعضنا يستمع إلى الموسيقى، دون آلات أو عازفين!!
أن يستمع لموسيقى؛ فيما لا يستطيع غيره كثير، الإستماع إليها، كما وجد مولانا جلال الدين الرومى صوت الموسيقى الخاص به، والذي دعاه للدوران رقصا فيما نعرفه برقصة المولوية، فى صوت دقات العاملين على طرق بعض المعادن!!
سمع الموسيقى من موضع لم يسمعها كما سمعها سواه!!
نعم، كمن يرى الجمال فى كيفية تراص شوكات الصبار، أو فى انهمار المهل من فوهات البراكين ...
يستمع إلى موسيقاه التى تشبه نفسه، وروحه فيهتز لها جسده كله، تلك الموسيقى لا تخاطب الجسد، ولا تطرق عليه، وإنما تخاطب الروح فتهتز، ويهتز لها الجسد، فالجسد وعاء الروح، ان ثقلت تثاقل، ودهمته جحافل ماديته إلى الأرض، وان خفّت؛ طارت، وارتقت به إلى السماوات العلا ...
حين تنساب تلك الموسيقى الخاصة بكل منا، معزوفة كانت بالفعل حيث تختلف، وتختلج فى النفس والروح درجة التلقى، أو غير معزوفة إلا فى داخلنا فإنها تحرك الجسد بشكل ما حسبما تحركت الروح، وحين يتحرك الجسد فى شكل دائرى فإنه بذلك يحاكى حركة الكون التى لا تفتأ تتحرك بأشكال أقرب ما يكون إلى الدائرة..
لماذا الدائرة..
أكمل الأشكال كما اتفق العلماء منذ القدم، بل اتفق على ذلك الصوفية أيضا ...
وهكذا كل الكون،
كل شئ ينتهي إلى حيث بدأ..
والدائرة، والنقطة كما قال محيي الدين ابن عربى ...
لوعلمته لم يكن هو،
ولو جهلك لم تكن أنت:
فبعلمه أوجدك،
وبعجزك عبدته!
فهو هو لِهُوَ: لا لَكَ
وأنت أنت: لأنَت ولَهُ!
فأنت مرتبطٌ به،
ماهو مرتبطٌ بك.
الدائرة مطلقةً
مرتبطةٌ بالنقطة.
النقطة مطلقةً
ليست مرتبطة بالدائرة
نقطةُ الدائرة مرتبطةٌ بالدائرة..
الدوران فى الرقص ، دوران مع كل كوكب ، و نجم ، و جرم فى الكون ، بل يتعدى الأمر ذلك إلى ذرات خلايا أجسادنا التى تشبه تركيب الكون ، حيث نواة فى المركز تدور حولها إلكترونات ، مثل نجم مركزى كالشمس مثلا ، تدور حوله كواكب متعددة فى مدارات غير متداخلة ، و لولا دوران كل كوكب حول نفسه ليكتسب قوة طرد مركزية خاصة به ؛ لإبتلعته الشمس بقوة جاذبيتها التى تبقيه فى مدار شبه ثابت حولها ، قوة الدوران الذاتية هذه ، تشبه لعبتنا حين كنا صغارا ، و التى تسمى (النحلة) ، أو (الدبور) حينما كنا نلف حولها حبلا ، ثم نشده ، فيكسبها ذلك قوة دوران ثابت متجانس ، لا يوقفها غير فقدانها لتلك الطاقة ، ولعبة أخرى تشبه المروحة مصنوعة من البلاستيك ، نضعها على مركز ملفوف عليه خيط ، عند شده تطير تلك المروحة الدائرية فى الهواء أيضا ، نفس فكرة اللعبة السابقة ، لكن ليس على الأرض و إنما فى الهواء ، ولا يوقعها على الأرض ، إلا توقفها عن الدوران .
الدوران يكسبنا قوة ذاتية تبقينا فى ثبات، وتبقينا حول مركزنا، كل ما حولنا، وما فينا يدور فى تناغم آسر، ولا يتوقف، إن توقف خرج من حيز التجانس والإمتزاج بما يجاوره، أو يتكون منه فى ذلك البناء الذي لم نعرف وقد لا نعرف مداه..
حين تتملكنا حالة الموسيقى تلك التي تجعلنا ندور، وندور فإننا نطفو عن تلك المادية الأرضية، ونوشك أن نطال السماوات، وتتخفف الروح من ذلك الجسد الذي يقيدها إلى الأرض فتكاد تأخذه إلى الأعلى، تلك القوة التي نكتسبها بالخروج عن رتابة المألوف من السير باستقامة؛ نظنها كذلك، ولكنها فى واقع الأمر دوائر نسير فيها لكن، بلا قوة نكتسبها من السماح لموسيقى الكون أن تتوغل فينا، وبنا؛ وتأخذ منا عوارض الماديات التى تثقلنا، وتمنحنا الخفة اللازمة للإرتقاء؛
الارتقاء، إلى ملكوت الله سبحانه الذي خلق الكون كله وخلقنا، وإلى الحقائق العليا، لو سرنا في مسارات مشابهة لمسارات ذلك الكون الفسيح، جعلنا مكوناتنا من ذرات تشبهه؛ جزءا متناغما معه، وبه، وفيه، كمثل المنشور الزجاجي الذي يدخله الضوء الأبيض، فيحلله إلى جميع ألوان الطيف السبعة.
بقلم أ/هناء شوقي