corner

العدد الثالث العلمانية

هذه المجلة تعبر عن قضايا وهموم الإنسان بغض النظر عن إنتمائه الفكري أو العقائدي، ولذلك فإنها لا تنتمي إلي فصيل سياسي أو ديني أو طائفي، وإنما تنتمي للإنسان من حيث هو كذلك. إنها تخاطب العقل بالأساس، تخاطب الإنسان وفكره ووعيه، فنحن مع كل ما ينمي ويطور عقل ووعي، حرية وشرف، سعادة ووجدان الإنسان.

في هذا العدد

د. حسن حماد: إفتتاحية العدد

الأنبا مكسيموس: المسيحية والعلمانية

د. عبد الله شلبى: مقتضيات تأسيس العلمانية

د.مراد وهبة : العلمانية هي المنقذ

د. خديجة زتيلــــيالعلمانيّة هي الضامن لحريّة المعتقد

د. خيري فرجاني: مفاهيم ينبغي أن تُصحح (العلمانية)

الإعلامية رباب كمال: العلمانية بمرجعية إسلامية: موائمة أم مغالطة؟

القس رفعت فكري سعيد: العَلمانية والدين!!

د. سامية عبد الرحمن: تجربتي مع العلمانية

أ. حسن اسماعيل: شحاذ العتبات المقدسة

د سامح الطنطاوي: دور الفن فى نبذ العنف والإرهاب

الشاعر خالد النشوقاتي: العلمانيه ليست كفراً

الفنانة هالة طوبار: أسطورتي

م. منال محمد: لوحه وفنان

د. نبيلة تاجر: المرأة والعلمانية

د. مرفت العماري: تحرير الإيمان

أ. ابتهال عبد الوهاب: العلمانيه هي الحل

م. منى توفيق: العلمانية و الإيمان

د. حسن يوسف: العلمانية ضرورة حضارية

د. بهي الدين: العلمانية ودولة الكفر

د.سمير فاضل: كاتب وكتاب - ثورة الفكر في عصر النهضة الأوربية

ماريا: لوحات فنية

إفتتاحية العدد

ﺩ ﺣﺴﻦ ﺣﻤﺎﺩ
د حسن حماد

      بعد أن خصصنا العددين السابقين من مجلة الإنسان لمناقشة العنف المقدس وكيفية التصدي له، رأي مجلس إدارة المجلة أن يخصص العدد الثالث لتناول إشكالية العلمانية في المجتمع المصري.
      وإذا كانت فصائل الإسلام السياسي قد نجحت في تشويه كلمة العلمانية في الوجدان الشعبي بحيث أصبحت الكلمة لدي الجماهير مرادفة لكلمة إلحاد ، فإن دورنا نحن كمثقفين يكمن في الدفاع باستماتة عن هذه الكلمة ، وأن نوضح لهم أن العلمانية ليست كفرا وليست عيبا أو رذيلة بل علي العكس فإن الغرب لم يصل إلي تقدمه وتحرره إلا من خلال العلمانية .
      العلمانية أصبحت بالنسبة لنا الآن ضرورة ، لأنه لا سبيل للخروج من مأزق الإرهاب الديني بغير العلمانية .العلمانية تصون للدين قداسته ، وتضمن ألا يتوغل ويتمدد سلطان رجل الدين بحيث يصبح منافسا لرجل السلطة. العلمانية هي ترسيم الحدود بين المقدس والدنيوي حتي لا يتحول المطلق إلي نسبي والنسبي إلي مطلق. لا أحد ينكر ضرورة الدين في حياة الإنسان ولكن دخول الدين في المعترك السياسي يجعل من رجال الدين أوصياء علي حياة البشر ويحيل السلطة السياسية إلي سلطة كهنوتية وإلهية ، سلطة مطلقة ومستبدة. من جانب آخر فإن دخول الدين إلي المجال العام وسيطرته علي الثقافة والتعليم يؤدي إلي جمود وتكلس وتخلف الحياة الثقافية ويعيدنا مرة أخري إلي ظلاميات العصور الوسطي .لهذا فإن العلمانية أضحت هي السبيل الأوحد للحفاظ علي قوة الدولة المصرية واستمرارها.
      إن مواجهة الإرهاب الديني بالقوة البوليسية وحده لا يكفي لابد من تجفيف الينابيع ونشر ثقافة العلمنة والوصول إلي اللحظة التي تصبح فيها كلمة العلمانية مألوفة ومفهومة ومقبولة لدي القطاع الأكبر من الجماهير ، وبالتاكيد لن نصل لهذه النتيجة إلا إذا عثرنا علي آليات ووسائل مبتكرة يمكن لنا من خلالها أن نلتحم بتلك الجماهير التي تمثل النواة الحقيقية لأي محاولة لتغيير الواقع وتطويره وتنويره.

اﻟﺤﻮاﺭ اﻻﻧﺴﺎﻧﻲ

الأنبا مكسيموس
المسيحية والعلمانية
الانبا مكسيموس
image

اﻟﺪﻳﻦ ﻭاﻟﻤﺠﺘﻤﻊ

د عبد الله شلبي
مقتضيات تأسيس العلمانية
د عبد الله شلبي

      تعتبر العلمانية منهجاً ورؤية تدعو إلى التفكير في أمور الطبيعة والمجتمع والإنسان من خلال ما هو نسبي وإنساني، وليس من خلال ما هو إلهي ومطلق. وهذا هو جوهر العلمانية، إزاحة للقداسة وللتصورات الدينية للعالم فيصبح كل شيء معرض للنقد، فلا شيء ولا فكرة تتأبد وتتعالى على النقد، ولا نقبل شيئاً إلا إذا كان واضحاً متميزاً أمام عقولنا، وكل حقيقة من منظور العقل الإنساني هي حقيقة إنسانية بالأساس ونسبية بالضرورة، وادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة هو محض ادعاء باطل وبلا أساس معرفي. ويترتب على هذا الفهم والتحديد لمعنى العلمانية إخراج الحياة الإنسانية وأغراضها وسبل ممارساتها في السياسة والاقتصاد والاجتماع والإدارة والحكم والثقافة ... ، من دائرة العناية الإلهية وانتقال الدين من المجال العام إلى المجال الخاص فلا يصبح له أي سلطان على أي قسم من المجتمع إلا على تابعيه فحسب، فيسود تصور آخر للعالم يخلو من كل ما هو مقدس، تصور انساني في المبتدأ والمنتهى، وتفقد الأفكار والممارسات الدينية أهميتها وفاعليتها على المستوى الشامل للحياة الاجتماعية التي يخضع تنظيمها للعقل والإرادة الشعبية الحرة العاقلة، وفي عبارة موجزة فك الارتباط أو الانفصام بين المعتقد الديني ونظام الحياة بكليتها وشمولها.
      وكانت العلمانية هي العمود الفقري للتقدم منذ عصر التنوير في القرن الثامن عشر والذي سعى إلى تحرير العقل الإنساني من كل سلطان إلا سلطان العقل ذاته. وكان شعار التنوير يتلخص في فكرة جوهرية واحدة هي كن جريئاً في استخدام عقلك ودون معونة الآخرين، وأن سيادة العقلانية تعني التحرير الشامل للإنسان من قهر الطبيعة والمجتمع. فإذا كان ثمة قوانين موضوعية تحكم ظواهر الطبيعة، وأخرى تحكم حركة المجتمع وتنظم علاقاته ؛ فإن الإنسان بوسعه اكتشاف هذه القوانين، وبالعلم يمكنه أن يسيطر على الطبيعة والمجتمع وأن يُعيد تنظيمها بما يخدم أهداف التقدم ويحقق سعادة الإنسان.
      والذي أَوَدُّ التأكيد عليه هنا أن مسار العلمانية والتنوير كان تاريخاً اجتماعياً متصل الحلقات، وفعالية اجتماعية كِفاحيّة. فكان ثمة جماعات اجتماعية فاعلة ذات هُوَّية طبقية محددة تحمل العلمانية والتنوير وتناضل من أجلهما وتحيلهما إلى قوة مادية قادرة على تحطيم كل ما تيبَّس وتكلَّس في أذهان الجماهير وأصبح أشبه بالدروع الصخرية التي تختفي وراءها كل الأوهام والمحرمات الثقافية والدينية الكابحة للتقدم والتي تُقعدهم عن التغيير وتجدد حياتهم.
      والسؤال الأساسي لهذا المقال هو : ما المقتضيات والشروط اللازمة لتأسيس العلمانية في المجتمع المصري؟ يتطلب الأمر ابتداء السعي الجاد لخلق وتكون تيار علماني وتنويري فعال داخل المجتمع ، تيار يتجاوز الأفراد والجماعات الداعية للعلمانية والتنوير ليصبح تياراً سارياً في المجتمع واتصور أن المقتضيات الأربعة التالية يمكن أن تسهم في هذا المسار .



1-أنسنة الدين وتاريخ الأديان:
      يقتضي تأسيس العلمانية، أنسنة الأديان وتاريخها. ففهم الدين، أي دين، ومنذ نشأته في الخبرة الإنسانية وعلى امتداد تاريخه الطويل، لم يكن يشكل كلاً واحداً ومنسجماً من حيث هو واقعة تاريخية اجتماعية، وأعني هنا التدين البشري النسبي والذي يتغير تبعاً للمواقف والأحداث والوقائع التي تعيشها جماعات المؤمنين بهذا الدين أو ذاك. يفهم الناس أديانهم، ويستوعبونها، ويتمثلونها، ويقومون بترجمتها إلى رؤى وأفكار وتصورات وسلوكيات وممارسات عملية وفق مناحي متعددة تتجلى في أشكال وأنماط متنوعة من التدين، ويكون من الطبيعي أن تتباين هذه الانماط بحسب خصائصهم وأوضاعهم المشتركة والمتباينة في السياقات التاريخية والمعاصرة التي عاشوها ويعيشونها، والسمات الجوهرية لبنية مجتمعاتهم وثقافاتهم.
      إن التدين كسلوك بشري، ووفق هذا المعنى الذي حددناه وعياً وممارسة، وبكل أشكال وأنماط ومستويات وجوده، هو صياغة مجتمعية بالأساس لكونه انبثاق عن واقع مادي اجتماعي موضوعي، ومحدد بالأنساق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، والتي يتضمنها هذا الواقع في مرحلة تاريخية محددة. ويرتبط التدين وفق هذا المعنى أيضاً، ارتباطاً وثيقاً بهذا الواقع، وهو يؤدي فيه أدواراً ووظائف محددة ومتباينة بل ومتناقضة أيضاً، وهي تلبي حاجات بعينها داخل الواقع الاجتماعي.
2- المرجعية القانونية للدولة:
      يقتضي تأسيس العلمانية التزام الدولة بالحياد الكامل إزاء الدين وإسقاط ما يسمى بالدين الرسمي للدولة، فالدولة شخصية اعتبارية لا دين لها، وإعلان الدولة أنها تعتنق ديناً بعينه يعني ضمناً تعصبها لهذا الدين باستبعادها للديانات الأخرى التي يعتنقها جزء من مواطنيها. أما التزام الدولة بالحياد إزاء جميع الأديان التي تمارس على أرضها فيعنى بداية أنها دولة علمانية متسامحة لا تعترف بدين ضد دين آخر، وإنما هي تعترف بكل الأديان على قدم المساواة، وتؤمن لأتباع هذه الأديان على تنوعهم واختلافهم أفضل السبل والظروف لممارسة شعائرهم وطقوسهم. ومن شأن إقرار حياد الدولة الديني أن يجعلها دولة- أمة لكل مواطنيها مهما كانت دياناتهم وقناعاتهم الفكرية، ويكون لهؤلاء المواطنين جميعاً وعلى قدم المساواة القانونية الفعلية كل الحقوق لتولي المناصب السياسية والإدارية في مختلف أجهزة الدولة ومؤسساتها والتي تؤهلهم لها قدراتهم ومؤهلاتهم.
      الدولة العلمانية هي الدولة- الأمة بكل ما تحمله هذه الكلمة من دلالات لأنها تفصل بين المؤمن/ والمواطن، فالمؤمن في عرفها هو من ينتمي إلى دين بعينه، إلا أن هذا الانتماء الديني لا يمنحه حقوق المواطنة ولا يحرمه منها، ويكون المواطن هو كل مواطن ذكراً كان أم أنثى يتمتع بكل حقوق المواطنة مهما كانت قناعاته الدينية أو الفكرية.
      ويعني إقرار الدولة العلمانية ألا يكون الدين هو المرجع في سن وصياغة القوانين والتشريعات، وإنما يتم التحول في المرجعية القانونية والتشريعية من المرجعية الدينية إلى مرجعية العقل والإرادة الشعبية العاقلة والحرة التي تشرع وتقر قانوناً مدنياً للمجتمع يلتزم العقل ويحتكم إليه وفي انفصال تام عن الدين الذي يتحول بالضرورة من الشأن العام إلى الشأن الخاص والفردي. وفي تقديري أن إرادة الشعب العاقلة والحرة يقبلها كل الناس على أرض الوطن مهما كانت هوياتهم الدينية وطالما عبرت هذه الإرادة الشعبية العاقلة عن نفسها في حرية تامة، ومعها تصبح حقوق الإنسان ملزمة للجميع بالنظر إلى مرجعيتها وهو العقل أيضاً والذي يسلم بأحكامه أصحاب العقول الصحيحة.
3- محاكمة الإبداعيات الإنسانية وفق معايير من جنسها.
      على الرغم من قيام الأصوليين الدينين بالحظر على غيرهم من أن يخوض في أمور الدين وكل متعلقاته من عقائد وتاريخ، إلا انهم يخوضون، وبصخب بالغ في أحيان كثيرة مصحوب بتهم التكفير والخروج من الملة، في أمور لا شأن للدين بها كأمور الاجتماع والسياسة والفلسفة والعلم والأدب والفن، ويلحون على أن يكون الدين مرجعاً ملزماً في كل مجالات النشاط الإنساني، ومن ثم يحتكرون وحدهم، باسم الدين، سلطة محاكمة الإبداع الإنساني على تنوعه وتباينه ووفق معايير دينية خالصة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الدولة ما زالت تعتبر أن للمؤسسة الدينية الرسمية ، الأزهر والكنيسة، ولجماعات الأصوليين المتغلغلة في مؤسسات الدولة وتنظيماتها كل الحق في إبداء الرأي، بل والقول الفصل بشأن الفلسفة والعلم والأدب والفن، بل إن الدولة ومؤسساتها تصبح في أحيان كثيرة على استعداد دائم للاستئناس بما تراه هذه القوى، بل والإذعان لما تراه من حجر على عقول المصريين من منع ومصادرة للكتب والأفكار والأعمال الفنية والأدبية بزعم أن للدين رأي قاطع فيما يقدمه المبدعون.
      وفي مواجهة هذه المرجعية فإن تأسيس العلمانية يقتضي بداية الإقرار بأن الإبداعات الإنسانية في الفلسفة والعلم والأدب والفن هي معارف وفنون إنسانية وعقلانية لا ينبغي محاكمتها وفق معايير ومحكات مفروضة عليها من خارجها، وإنما يتعين محاكمتها وفق معايير ومحكات من جنسها وبالتالي يمكن أن تتحرر الذات الإنسانية من الكوابح والقيود الدينية التي تكبل طاقات البشر وتعمل على وأد إبداعاتهم وتعطيل قدراتهم وذلك سعياً لاكتشاف كل خبرة جديدة تعزز نمو الذات الإنسانية وتدعم تطورها وارتقاءها.
4- تجفيف منابع التعصب وتطهير المواطنة كصفة من التعصب الديني.
      بحيث يتم منذ السنوات الأولى للتعليم ترسيخ الوعي العميق بالانتماء لهوية مصرية- عربية - إنسانية، وليس الانتماء لدين بعينه. فثمة مقررات دينية تدرس في مراحل التعليم العام وتكرس في أحيان كثيرة العداء والفتنة والطائفية واتهام أصحاب الديانات المغايرة بالتحريف والكفر، وتؤكد على تفرد تصور ديني بالصحة وسلامة الاعتقاد، وبأن الله لن يقبل من عباده سوى التزامهم بهذا الدين وحده، وهناك مدارس تدرب الصغار على كراهية أشقائهم في الوطن وتعدهم للمفاصلة الشعورية والوجودية مع الآخر الديني داخل الوطن. على أن يتم استبدال هذه المقررات بمقررات في الأخلاق الإنسانية والتاريخ المصري العام ومن شأن هذه المقررات أن تعمل على خلق حالة من الاندماج الوطني والقومي بين المصريين، حالة من الانتماء لهوية مصرية موحدة تتعالى على الانتماءات والهويات الدينية بحيث يسعى المصريون ويدركون منذ بدايات حياتهم أنهم أبناء أمة واحدة يشاركون وعلى قدم المساواة في بناء وطنهم وتقدمه في ظل أطر اجتماعية ووطنية وإنسانية تتجاوز المصائر الفردية والانتماءات الخصوصية.



د. مراد وهبة
العلمانية هي المنقذ
د. مراد وهبة


د. خديجة زتيلــــي
العلمانيّة هي الضامن لحريّة المعتقد
د. خديجة

      لا يختلف اثنان على أن مُصطلح العلمانية هو صَنيعة غربيّة بدون منازعٍ، وقد أوجدتهُ سياقات تاريخيّة وفكريّة تمخضتْ عن فصل الكنيسة عن الدولة فيما يُعرفُ تاريخيّا بالفصل بين السُلطات، ولم يتحقّق ذلك في الغرب إلاّ بعد صراع مرير بين مؤسّستين، الأولى دينيّة والثانية دُنيوية. وسوف لن أسترسل في الحديث عن تاريخ المصطلح واشتقاقاته اللغويّة، ولا عن الخلافات الواسعة التي أثارها في المجال التداولي، وخاصة عند الحديث عن المسلم والعلمانية أو عن مفهوم العلمانية في الثقافة الاسلاميّة، بل سأقتصر على الإشارة إلى المضامين الإيجابية للعلمانية التي لا يمكن لعاقل أن يغضّ الطرف عنها، ولعلّ أهمّها ممارسة الحريّة الفكرية والعقائديّة.
      فالدولة العلمانيّة هي غير الدولة الدينيّة، والأولى هي الأكثر ضمانا لحريّة التديّن، فيما تغيبُ حريّة الفكر غالبا عن الثانية لأنّ كل نقد لها هو خروج عن طاعة وليّ الأمر لا تحمد عقباه، والأمثلة لا تُعدّ ولا تُحصى. وعلى عكس ما يشاع بين الناس في أنّ العلمانيّة هي الإلحاد أو أنها تؤدي إليه، فإنها في بلاد الغرب هي التي ضمنت لجالياتنا الإسلامية تأدية الشعائر الدينية والقيام بالصلوات في المساجد وفي الساحات العموميّة بكلّ أريحيّة، من دون أن يُنغّص عليها أحد سكينتها وطمأنينتها إلاّ فيما نذر، وأي تجاوز وقع أو سيقع لا تتحمّل العلمانية الغربية عواقبه، بل التطرف الذي يتمظهر في أشكال متعدّدة، وهو الذي لا دين له.
      إنّ العلمانية في أوروبا هي التي ضمنتْ بقاء الدين، ولا يعني الفصل بين السلطات الكنسيّة والمدنيّة تسفيه المعتقد الديني، بل إشاعة قيم المحبة والتسامح والعيش المشترك. ما يُفضي إلى أنّ الإكراه على الدين أو على اتباع طائفة أو معتقد أو جماعة هو جريمة في حقّ الإنسانيّة، تكون نتائجه كارثيّة على المجتمعات، فيسود جرّاء ذلك النفاق والتديّن الشكلي وعبادة الأشخاص وغيرها من الأمراض اللصيقة بالشعوب التي تُغَيِّبُ العقل وتنساق وراء الإكراهات والأماني. وما لم نفصل في مجتمعاتنا العربيّة بين ما لله لله وما لقيصر لقيصر فلن تقوم لنا قائمة.



ﺩ ﺧﻴﺮﻱ ﻓﺮﺟﺎﻧﻲ
مفاهيم ينبغي أن تُصحح (العلمانية)
د خيري فرجاني

      إن أخطر شئ يمكن أن يهدد أي مجتمع فيصيبه بالجمود والتخلف والتراجع الثقافي والحضاري.. هو التباس المفاهيم والخلط بين المصطلحات وعدم تحديد مضامين ومفاهيم المصطلحات بدقة. وليس ثمة شك، أن مجتمعاتنا العربية والإسلامية تواجه أزمة شديدة في فهم المصطلحات فهما صحيحا ودقيقا، إن إعادة صياغة وتعريف بعض المفاهيم أصبح ضرورة ملحة في ظل الحملة الشرسة والممنهجة من قبل التيارات الأصولية في تشويه كثير من المصطلحات، يأتي في مقدمتها "العلمانية". حيث ينظر البعض فى عالمنا العربى والإسلامى للعلمانية بوصفها فصل الدين عن الدولة بصورة سلبية، بل ويصفون من يؤمن بها بالكفر، كما جاء في الموسوعة العربية العالمية الصادرة في السعودية في تعريفها للعلمانية بأنها جزءا من "التيار الإلحادي". رغم أن هذا المبدأ يعني فصل الحكومة ومؤسساتها والسلطة السياسية عن السلطة الدينية أي "رجال الدين". وبمعنى آخر، فإن هذا المصطلح يشير إلى أن الأنشطة البشرية خاصة القرارات السياسية يجب أن تكون غير خاضعة لتأثير المؤسسات الدينية أو ورجال الدين. وهذا يعني عدم قيام الحكومة أو الدولة بإجبار أي أحد على اعتناق وتبني معتقد أو دين معين، وأن ترسخ قيم المواطنة. والحقيقة التي لا مراء فيها والتي تحاول التيارات الأصولية طمسها، أن العلمانية ذاتها ليست ضد الدين، أو أنها تتعارض مع الدين بل تقف على الحيادِ منه وتحترمه. فالعلمانية تجعل الدولة تعامل الأديان بصورة حيادية، وتقف على مسافة واحدة من الأديان المختلفة. بل ان العلمانية خدمت الدين في كثير من الدول من تدخل الدولة والحكومة، وليس العكس. فالعلمانية تعطي حقوقا متساوية لكافة المواطنين على أساس مبادئ العدل والمساواة بين البشر. ومبدأ فصل الدين عن الدولة "العلمانية" لا يعني إلغاء الدين أو محاربته، كما تدعي التيارات الأصولية، فالأديان موجودة وتُمارس فى جميع الدول العلمانية. فمن حق الإنسان فى ظل العلمانية أن يعبد ربه كيفما يشاء، ولكن ليس من حقه إجبار باقي المجتمع على مفاهيمه الدينية، فالقرآن يرفض الإجبار والإكراه. يقول تعالى"لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ." والعلمانية تحترم حرية العقيدة التي أقرها الإسلام "فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُر". والعلمانية ليست رفضا للدين كما يزعم البعض، وإنما تعني العدل بين جميع المواطنين أيا كانت ديانتهم. ومبدأ العدل حثت عليه جميع الأديان "إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ".



الإعلامية رباب كمال
العلمانية بمرجعية إسلامية: موائمة أم مغالطة ؟
 رباب كمال

      لطالما ارتبطت العلمانية في مصر بأنها مرادفًا للإلحاد، و لهذا حاول البعض الترويج لمفهوم العلمانية بمرجعية إسلامية، وهو ما ورد في كتاب العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة عام 2002 للباحث و الأكاديمي د. عبد الوهاب المسيري   (1938-2008) .
      فلسفة الكتاب كانت شديدة التضارب، تبنى فيه المسيري ما أسماه ” العلمانية الجزئية ” أي علمانية لا تخالف مبادئ الشريعة الإسلامية، فأقر المسيري أن المرجعية الإسلامية هي المجال أو الطريق الوحيد لحل مشاكل هذا المجتمع، لأنّ أي مجتمع لابد أنْ يكون له مرجعية نهائية واحدة، كما دافع عن شعارات الإسلام هو الحل ،و أقر أنّ فصل الدين عن الدولة يتجاهل البُعد الإنساني والروحي. فهل كانت هذه النظرية موائمة لين الإسلام و العلمانية أم مغالطة في تعريف العلمانية من ناحية و في فهم الدور الروحاني لا التشريعي للأديان عامة ؟
      ترتكز العلمانية على التعدددية لا على المرجعية الأحادية ، كما أن هناك مغالطة في نظريته حين افترض أن كل دولة فصلت الدين عن السياسة في تشريعاتها هي بلد خال من البعد الإنساني والروحاني، لكن البلاد العلمانية لا تحارب الروحانيات والإنسانيات بدليل أنها لا تمنع أصحاب الديانات المختلفة سواء إبراهيمية أو غير إبراهيمية من إقامة دور العبادة وممارسة الشعائر بخلاف ما يحدث في البلاد ذات التشريع الإسلامي حسب دساتيرها .
      من هو إذًا المجتمع الفاقد للبعد الإنساني والروحاني؟ هل هو المجتمع الذي يقر بأحقية الاعتقاد وممارسة الشعائر أم المجتمع والبلد الذي يرفض الاعتراف إلا بأديان بعينها في ظروف بعينها ؟
      كما أن هناك مغالطة أخرى وهي أن د. المسيري ربط البعد الإنساني بالمجتمعات الإسلامية وهي نظرية عارية عن الصحة لأن الإنسانيات لا علاقة لها بأديان بعينها، هي صفة إنسانية قد تجدها لدى المؤمن ( أيًا كان إيمانه) ولدى اللاديني كذلك.
      كيف يعتبر د. المسيري البلاد العلمانية ذات الأغلبية غير المسلمة والتي تسمح ببناء المساجد بأنها فاقدة للروحانيات والإنسانيات؟ هذه البلاد لا تمنح أبناء الديانات الإبراهيمية أو غيرها حق بناء دور عبادة على أساس أنها تعترف بنصوص وعقيدة تلك الأديان وإنما انطلاقًا من حق المواطن في حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر.
      فالمساجد في البلاد العلمانية لم يتم تشييدها إيمانا بنبي الإسلام ولكن إيمانا بحق المسلم في الصلاة والتعبد وهكذا الحال بالنسبة للهندوسية والبوذية وغيرها ؟
      وسترد علينا غالبية الآراء بأن الدستور المصري في مادته الـ 64 أقر أن حرية العقيدة مطلقة، لكن في نفس المادة أقر الدستور بأن ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة حق لأصحاب الأديان السماوية فقط، وبالتالي فحرية العقيدة منقوصة إن نفينا عنها حرية ممارسة الشعائر ولدينا في مصر حجر على تجمعات الصلاة للشيعة والبهائيين مثلا، فمن تغيب عنه الإنسانيات والروحانيات؟ أليست البلاد التي تحجر على حرية ممارسة الشعائر ؟
      قضية العلمانية هي قضية تنوير وبالتالي هي لا تحتمل التزوير والتلاعب بالمعاني والمفاهيم وإنما تقتضي تبسيط المفهوم وربطه بحياة المواطن اليومية ليعي أن قضية العلمانية ليست منفصله عن واقعه المعاصر.
      المجتمع العلماني ليس له لا مرجعية إسلامية ولا مسيحية ولا هندوسية ولا الحادية، المجتمع العلماني هو ذلك المجتمع الذي يعيش تحت مظلته وقوانينه المؤمن والملحد على حد سواء دون تمييز
      كما أن البلاد العلمانية هي تلك البلاد التي تكفل قانونًا… حرية الخروج من دين إلى آخر أو حق الخروج من منطقة الأديان تماما دون أن يصبح المواطن الذي اعتنق دين- غير دين الأغلبية – نزيلا على الأجهزة الأمنية ولا يكون رهنًا للتحقيقات وبدون أن يفقد أيًا من مزاياه الاجتماعية أو العملية أو المهنية.
      فلسفة العلمانية هي الفصل بين الدين والتشريعات لا لإنكار الأديان وحرية التعبد ولكن من منطلق الوقوف على مسافة متساوية من الجميع، وهكذا فإن العلمانية تقر بأن حقوقك كمواطن لا علاقة لها بمعتقدك الديني الشخصي ولا يمكن قبول التمييز ضدك على أساس ديني.
      بالتأكيد أن البلاد العلمانية ليست خالية من التعصب والتطرف لكن رد فعل القانون والدستور والمجتمع غالبًا ما يكون منحازًا للتعددية، مع العلم أن قبول الآخر وقبول التعددية طريق له اتجاهين أي يقوم على قبول من يقبل التعددية وليس قبول من يرفض التعددية.



القس رفعت فكري
العَلمانية والدين!!
القس رفعت فكري

      يروج الأصوليون دائمًا: إن العَلمانية – بفتح العين- تتعارض مع الدين، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل العَلمانية حقاً تتعارض مع الدين؟ وهل العَلمانية تعني الكفر والإلحاد ؟؟
      يجيب على هذا السؤال الدكتور خالد منتصر بالقول "العَلمانية ليست الإلحاد لسبب بسيط وهو أن العَلمانية ليست ديناً أو عقيدة ولكنها آلية ومنهج تعامل دولة مع السياسة والاقتصاد والحكم والتعليم...إلخ، العَلمانية ليست ضد الدين بل هى ضد تحكم وتدخل رجال الدين فى الحكم، بل على العكس لا توجد حماية حقيقية للأديان إلا فى الدول العَلمانية، الدولة الدينية تحمى ديناً واحداً وتضطهد الآخرين، أما الدولة العَلمانية فهى تحمى كل الأديان وتقف على مسافة واحدة منهم، العَلمانية ليست ضد الدين ولا تحتقره ولكنها ضد من يحتكره ويدعى أن لديه التفسير الوحيد والتوكيل الحصرى".
      ومن يقرأ التاريخ المصري بموضوعية سيجد إن مصر الفرعونية كانت رائدة العَلمانية منذ فجر التاريخ، فمصر كانت مليئة بالمئات من الآلهه، وكان لكل قرية ولكل إقليم الإله الخاص به تحت رعاية الإله الواحد للدولة المركزية ( آمون )، ثم تم دمجه فيما بعد مع الإله ( رع )، ولم يحدث في التاريخ المصري أن نشبت أية معارك بين أنصار كل هذه الآلهة.
      إن مٌفَجر العَلمانية هو العالم الفلكي البولندي نيقولا كوبرنيكس (١٤٧٣- ١٥٤٣م) عندما أعلن أن الأرض تدور حول الشمس، ومن ثم لم تعد مركزاً للكون، وبالتالى لم يعد الإنسان مركزاَ للكون، الأمر الذي ترتب عليه عدم إمكان الإنسان امتلاك الحقيقة المطلقة، ومن هنا جاء تعريف الفيلسوف المصري المعاصر الدكتور مراد وهبه للعَلمانية بأنها "التفكير في النسبي بما هو نسبي وليس بما هو مطلق"، فالعَلمانية تعنى العَالَم المتزمن بالزمان، ومن هذه الزاوية تُقال العَلمانية على العالم الزمانى والنسبى، ويؤكد وهبة بأن العَلمانية ليست هى فصل الدين عن نظام الحكم، لأن هذا الفصل معلول للعلمانية التى هى العلة فى هذا الفصل، ومعنى ذلك أنه عندما يكون أسلوب تفكيرك علمانيًا يكون فى إمكانك قبول فصل الدين عن نظام الحكم وعكس ذلك ليس بالصحيح، ومن هنا فالعَلمانية هي: أسلوب فى التفكير قبل أن تكون أسلوبًا فى السياسة، ألم يحن الوقت لتحرير مصطلح "العَلمانية" من التشويه المتعمد الذي ألحقه به الأصوليون والمتطرفون؟ إن العَلمانية لا تعني الإلحاد، ولكنها تعني الإيمان بالحرية والعدل والمساواة وحقوق الإنسان.
      لا وجود لدولة وطنية بدون عَلمانية، ولا حرية بدون عَلمانية، ولا ديمقراطية حقيقية بدون عَلمانية، ولا حقوق إنسان بدون عَلمانية، ولا حداثة بدون عَلمانية، ولا تقدم بدون عَلمانية، ولا حل للتوترات الدينية في شرقنا ومصرنا إلا بالعلمانية، العَلمانية هي الحل !!



دكتورة سامية عبد الرحمن
تجربتي مع العلمانية
دكتورة سامية عبد الرحمن

      كثيرا ما يساء فهم العلمانية، وينظر إليها في عالمنا العربي بصورة تكاد تكون سلبية ،بل ويصفون من ينتمي إلى هذا الفكر بالإلحاد والكفر والزندقة ( حسب ما جاء في الموسوعة العربية العالمية الصادرة في السعودية ). ولي تجربة مع العلمانية تؤكد هذا المعنى ..فمنذ عام ٢٠٠٩ كنت أدرس في إحدى الجامعات السعودية لطالبات الدراسات العليا مادة "مذاهب فكرية معاصرة"، وكانت "العلمانية" ضمن توصيف المقرر ، فوجدت أن الطالبات يرفضون رفضا قاطعا مسبقا لفظ "العلمانية" ..ضمن ما يرفضونه من مصطلحات كالعقلانية ،والقومية ،والديمقراطية،والتصوف . ..لماذا؟ لأن العلمانية و غيرها لم ترد في القرآن ،وهي تفصل الدين عن الدولة ، وتحكم بغير ما أنزل الله !! ولم أناقش طالباتي مدى صحة أو خطأهذا الزعم ، ولكن قلت لهن :علينا أولا قبل هذا أن نوضح جذور هذا الفكر وكيف نشأ في الغرب ثم انتقل إلى الفكر العربي .
      نشأت العلمانية في الغرب كرد فعل عنيف ضد آراء الكنيسة وتشددها، والتي كانت سائدة في العصور الوسطى المسيحية. تعود جذور العلمانية إلي الفكر اليوناني ،ولكنها اكتسبت طابعها الحالي على أيدي فلاسفة عصر النهضة والثورة العلمية مع" كوبرنيقوس"، و"جاليليو"، ثم تطور هذا الفكر فلم يقف عند حد الثورة العلمية ، بل تجاوزه إلى الثورة الدينية أو ما يسمى بالإصلاح الديني الذي تزعمه "مارتن لوثر" ، ثم امتد الفكر العلماني إلى المجال السياسي مع ميكيافيلي ، ورؤيته أن السياسة لا تستند إلى قيم دينية أو أخلاقية مطلقة، بل إلى المصلحة .
      ظهرت العلمانية بشكل أوضح مع فلاسفة العقل وعصر التنوير بداية من ديكارت واسبينوزا وكانط إلى فلاسفة الثورة الفرنسية (ديدرو ، فولتير ، وروسو ). كان هدف التنوير في هذا العصر تخليص العقل الإنساني من ظلمات الجهل والخرافة، وتنقية الدين من كل الأباطيل التي تعيق العقل والفكر الإنساني، والدعوة إلى الحرية والمساواة...يصرح فولتير بأن التنوير هو السبيل إلي تحرير الإنسان من قيوده..من هيمنة الكنيسة على الدولة وعقول البشر .،والوصول إلى إيمان يدعو للتسامح مع الآخر المختلف . الهدف الرئيس هنا هومحاربة التعصب والإكراه الديني عن طريق فصل الدين عن الدولة ،لأن تدخل رجال الدين في السياسة يفسد الدين والسياسة معا.
      والسؤال الآن ... بعد هذا الطرح ، هل بالضرورة أن تكون العلمانية مناهضة للدين كما حدث في الغرب ؟ وهل يمكن أن يحدث تعايش مع العلمانية؟ نجيب على ذلك فنقول أن الدعوة إلى العلمانية، وإلى قيام دولة مدنية لا يعني بحال التنكر لمبادئ الدين والأخلاق ، ويمكن الاحتفاظ بكل أسس الحداثة والعقل والتنوير،مع الأخذ في الاعتبار أن الدين أمر يخص الأفراد ولا علاقة له بأمور السياسة أو الدولة . من حق أي إنسان أن يكون حرا في اعتناق دين أو عقيدة، لكن عليه ألا يفرض هذا الاعتقاد على الآخرين .(لا إكراه في الدين )..فالإكراه لا يولد إلا منافقين ومتعصبيين . وإذا كان البعض يقاطع العلمانية باعتبارها معادية للأديان ،فإن البعض الآخر من فلاسفة السياسة المعاصرين يستخدم مصطلح الجماعاتية أو التعددية الثقافية بدلا من "علمانية" وذلك من أجل نشر ثقافة التسامح وقبول الآخر و نبذ التعصب بكافة أشكاله.

image

نصوص إبداعية

الأستاذ حسن إسماعيل
شحاذ العتبات المقدسة؟
حسن إسماعيل


عندما تقرأ التاريخ بلا تبرير
وبعين عارية من أدوات التجميل
وبقلب غير مفخخ بالرصد
تكتشف أن التواطؤ .. هو مخرج الكثير من العروض
علاقة بين النصاب والطماع
بين السيد المتكبر وسيكولوجية العبد
بين القاهر والمقهور
بين دور الساحر ودور المسحور

لكل خرافة مصدق ما
ولكل إثبات علمي مستفيد واقعي

التاريخ وما أدراك ما التاريخ
عندما تجد باعة محترفين
وطوابير من القطيع النملي
وسوق يشجع الربح السريع
انتبه .. أنت في مركز الاعصار المضلل
احذر .. أنت في مدينة الأشباح
في خدمة توصيل الموت للأموات

عندما يكون موسى فوق الجبل محتجب .. الشعب في الأسفل يعبد العجل الذهبي في التيه
عندما يكون قدس الأقداس بلا تابوت العهد .. طوابير القطيع والقرابين تتزاحم على المذبح
العلبة المرصعة بالذهب والماس والياقوت والمرجان .. بلا فيل
مغارة علي بابا .. والأربعون والستون والمئة

التاريخ يقول بكل وضوح
لا تثق في البائع المتجول
من يكسر بابك الشخصي ليصنع لك احتياج وهمي
ليسدد عطشك الوهمي بماء مالح .. ويأخذ المقابل الواقعي جدا
ليسرق سماء البراح منك والأسئلة اللحمية .. ويعطيك سماء نحاسية

التاريخ يقول بكل وضوح
لا تثق في دموع المسرح
لأنها تزرف مع سبق الاصرار والترصد .. لتجذب دموعك الحقيقة
لتشعرك بالذنب الذي يفوق ذنبك .. فتسلم روحك وعمرك ومالك لصندوق النذور
لتفرغك من مضمونك فتصير شحاذ العتبات المقدسة

التاريخ يقول بكل وضوح
لا تثق في نور يجعلك معصوب العينين
النور يجعلك ترى .. يفتح عين الأعمى
بلا عصابة ولا شرط ولا قيد
لا يهاب أسئلتك وعلامات تعجبك ونقدك الحقيقي الساخر
ولا يصنع لك بدائل سيكولوجية مخدرة
لا يعطي لقيط لعائلة من اللقطاء
ولا يزرع أعضاء مبتورة في جسد ميت
ولا يعطي ابتسامة بلهاء لوجوه البلهاء
عندما تحتاج لخبز لا يعطيك حية
لا مقايضة فيه بين الخبز والحرية

التاريخ يقول بكل وضوح
أن سيكولوجية العبيد تحتاج وتبحث عن فتات الأسياد من أجل البقاء
وعندما تصعد سلم النشوء والارتقاء تصبح كالأسياد ترمي الفتات للكلاب
تدين كما كانت تدان
التاريخ يقول المشكلة في الإنسان والحل في الإنسان.



د. سامح الطنطاوى
دور الفن فى نبذ العنف والإرهاب
د. سامح الطنطاوى

      الإرهاب والعنف عدوان للحياة وللفن وللحضارة الإنسانية, كما أنهما فى نفس اللحظة عدوان لنفسهما أيضًا، وما أصاب الإرهاب عقل وجسد ثقافة إلا وقضي علي سائر تجلياتها الإنسانية، وأصبحت موبوءة بالكثير من الأمراض الفكربة والجسدية التي تقضي عليها، وهنا يأتى دور الفن فى الأمم المتحضرة من أجل بناء إنسان واعى بقيمة الحياة ولديه رغبة قوية فى أن يعيش حياة إنسانية.
      إن للفن دوراً مهمًا فى إذابة العنف والإرهاب الذى نعانى منه على كافة الأصعدة، وهذا هو ما حاولت الفيلسوف "الايطالية المنشأ الأمريكية الجنسية" "جيوفانا بورادورى" "Giovanna Borradori" (ميلانو 1963- ) )أستاذة الفلسفة الأوروبية وعلم الجمال في جامعة فاسار الأمريكية) تأكيده من خلال كتابها المهم والذى ترجم إلى العديد من اللغات "الفلسفة فى زمن الإرهاب" عام (2003) الذى ترى فيه أن دور فلسفة الفن اليوم مهم للغاية فى إتساع لغة الحوار والتسامح الدينى، وبناءً على ذلك تنادى بما يسمى بفكرة "المواطنة العالمية"، التى لا ترتبط بدولة عظمى واحدة تفرض سيادتها على العالم أجمع, ولتحقيق ذلك يجب الاستمرار فى المطالبة بقيم الديمقراطية ونبذ العنف والإرهاب، وترى "بورادورى" أنه بداية من أحداث سبتمبر 2001 زادت قوى الإرهاب فى العالم بأشكاله المختلفة، والتى إنعكست بشكل سلبى على تراجع قيم الديمقراطية والإحساس بالمواطنة العالمية.
      لقد اعتاد فلاسفة الفن أن يكتبوا عن جماليات الإبداع وعبقرية الفنان على مر العصور, ولكن فى هذا العصر تم إضافة مهمة كبيرة على عاتقهم فى ظل التحولات التى يمر بها العالم اليوم من صراعات وعنف أدت إلى أن العالم يعيش الإرهاب بكل تفاصيلة وبأشكال وممارسات متعددة أن يقدم للعالم تأويل وتحليل يجسد فيه مدى بشاعة وقبح الإرهاب, من هنا فالفنان سينتقل من تقديره للفن "بوصفه فن" إلى بعد أخر وهو النظر لدور الفن من منطلق دوره تجاه وطننا ومجتمعنا, وهنا من الضروى أن يكون فيلسوف ورجل الفن لديهما من الحماس والأمل فى كتابة أعمال هدفها توعية المجتمع بأهمية قيم عديدة مثل الإنسانية , حب الحياة, الأمل, المواطنة, السلام, الاهتمام, الاستمتاع ...الخ.



الشاعر خاد النشوقاتي
العلمانيه ليست كفراً
الشاعر خالد النشوقاتي

      ناس كتير روجت للعلمانيه،بانها كفر والحاد،وده علي غير الحقيقه،مثلا عندك لو مسلم ومسيحي وبوذي وهندوسي وبهائي ويهودي،قعدوا مع بعض،اكيد حا يختلفوا،اذا كان اصحاب الدين الواحد بيختلفوا،يبقي الحل هو العلمانيه،ودي الضمانه الوحيده اللي ممكن تخليهم يعيشوا مع بعض،كل واحد يعبد ربنا بطريقته،دون ولايه من احد،وربك بس هو اللي من حقه يفرز،ويحاسب..انما انت تخش مسجدك والتاني كنيسته وهكذا،قبول الاخر المختلف ده اعلا درجات الانسانيه،كل صاحب ديانه فاهم ومتأكد انه علي صواب،سيب بقي ربنا يحاسب،لانها مش شغلتك،يعني ارجع مصري.
      مصر كانت حاضنه لاصحاب كل الديانات،وكانت متسامحه مع نفسها والاخرين،ان الاوان نرجع لثقافتنا وضميرنا وقلبنا الطيب،عمر الغلظه ما سكنت قلوبنا،الا بدخول فكر صحراوي جلف،الفكر ده بيتراجع دلوقت،في صورة حريات بتعليمات خارجيه،بعد ان اصبحنا خارج التاريخ..مصر بقي هي التاريخ والجغرافيا،الايه بتقول"كان وعرشه علي الماء"..عارف بقي ايه اللي بعد كده،اللي بعد كده مصر.جاءت مصر ثم التاريخ..فكر في كلامي واوزنه،حا تلاقي ان مقولة "ام الدنيا" مش من فراغ،هيه فعلا ام الدنيا،زرعت وحصدت،والزراعه كانت وسيلتها لمعرفة وصناعة الاشياء.قال هيرودت ان مصر هبة النيل،بس النيل بييجي وماشي ستة الاف كيلو متر،وما عملش حضاره الا هنا..يبقي مصر هبة المصريين الجدعان،اللي لاحظوا وفكروا وابتكروا وعلموا الدنيا.
      النيل فاض وانحسر،فحددوا الارض،وده كان اول طريقهم للهندسه،وفاض وانحسر،فسجلوا الارض،وكان اول طريقهم للقانون،حتي الغرب اخد عنهم كل شئ،انظر الي لغاتهم واشتقاقتها،الكليتشر،والاجريكليتشر،جايز يكون النيل،زي كان سبب للحضاره،كان سبب لطبيعة المصري،اللي ما بيثورش،وكان لازم يبقي تحت جناح،السلطه المركزيه،واللي ما يقدرش يعارضها،حتي يحصل،علي خدماتها،من حمايه،ولفتح الترع،حتي،يتمكن من زراعة ارضه،علي عكس الشخصيه الغربيه،التي اعتمدت علي الامطار،والزراعه تحتاج الي استقرار،وده كله ممكن يرجع،بس رجوعه مشروط برجوعك..ايه رأيك عندك النيه،ولا ناوي تكمل مع اللي لو مراتك مرضت ترجعها بيت اهلها،يعالجوها ويرجعوهالك تاني،ولا الست اللي ما بتخلفش ولا يراها المشرع،ونكاح البهايم،والاستمتاع بالصغيره،ووأد البنات،وكانوا في مصر ملكات،احنا ثقافيا مختلفين،وهم صبغوا دينهم بثقافتهم،انظر لقبول المرأه الصحراويه،للتعدد وترفضه الست المصريه،انظر الي شعر المرأه والرجل ايضا وحرصهم علي تغطيته،نظرا لظروفهم المناخيه،ايضا نساءهم يرقصون بشعورهم،فهو حافز جنسي،نحن نهتم بمناطق اخري.
      احترامنا للاناث،اللي همه الستات والهوانم،مش المره،بلفظم الذي يحمل غلظه،ومعاملتها علي انها الادني،وليس العرب فقط بل الغرب ايضا،تعامل لقرون مع المرأه علي انها الادني،وتعاملت معها حضارتنا المصريه القديمه،بكل التبجيل والاحترام،ولن اعدد لك ملكات مصر،ولكن لا انسي،شجر الدر،وهي زوجة نجم الدين ايوب،كذلك السلطانه ام محمود،زوجة ايبك،وقاتلة شجر الدر،يعني انت مختلف،وارقي وصاحب حضاره..الدور عليك تحدد انت وشوف وفكر وكلنا مستنينك ترجع بألف سلامه.

رسالة الفن

الفنانة التشكيلية هالة طوبار
أسطورتي
الفنانة هالة طوبار

      تحكي عن عودة الحياة لبورتريه من بورتيهات الفيوم. البنت التي بعثت مرة اخرى وعادت للحياة وفتحت صندوقها وخرجت. تبدو ملابسها قديمة اسطورية كانها ملابس ملكة قد تمزقت من فعل الزمن. وباروكة شعرها هي دلالة علي الفترة الزمنية. التي كانت تحيا فيها ومن ورائها تظهر. مدينة قديمة ساحرة . تشع بالغموض والحكايات.....فالحكايه هى. يوجد بمقابر الفيوم حوالي ٩٠٠تابوت. لجثث تم تحطنيها. ويرجع ذلك - كما هو مدون - للقرن الاول قبل الميلادي وكانت تجرى العادة ان يتم وضع الجسد المحنط فى تابوت ويقومون برسم بورتريه للمتوفي علي باب التابوت رسم واقعي كلاسيكي ولكن تبدو فيه لمحات جنائزيه وحزن عميق وكان الشحض في صورته هذه يعرف أنه توفي وكانت الاسطوره تقول انهم يقوم برسم صوره المتوفي حتي تتعرف عليه الروح عند عودتها له للبعث. هذه البورتريهات ظهرت ف منطقه الفيوم فقط. وانتهت. هذه الطقوس في القرن التالت قبل الميلاد وكانت في عصر حكم الرومان لمصر. وهي فى طابعها الفني. متاثره بالحضاره الاغريقيهً. وقد استوحيت ملاحم هذه البورتريهات. وقررت ان أعيد خروجها للحياة. في شخص هذه الاميرة. نوع من أنواع احياء لدور الفن فى الأسطورة.

اللوحه زيت علي توال. مقاس. ٢متر في متر وسبعين

image

لوحة وفنان

م. منال محمد
الفنان... بول سيزا
م. منال محمد

      مازلنا مع المدرسه الفنيه ما بعد التأثيريه . فنان يعتبر أبا للفن الحديث اسلوبه يعتبر مرحلة انتقالية في تغير تاريخ الفن الحديث.. الفنان... بول سيزا.(1839/1906) فرنسي الاصل من عائله ثريه درس المحاماه ولكنه آثر دراسه الفن وقد تأثر بالفنانين مونيه.. وبيسارو. يتميز اسلوبه بالبعد عن تأثير الفرشاه الخشن ورفض تصوير الطبيعة ومعالجة الضوء والظل والمنظور كما التأثيرية واتخذ لنفسه منحي جديدا فبدت لوحاته أكثر صلابه بتحويل الطبيعة إلي أشكال هندسيه مثل الكره والاس وانه والمخروط وملئها بالألوان.. يعتبر سيزان الملهم الأول لإنشاء المدرسه التكعيبيه (بابلو بيكاسو) قام باظهار العمق اللوني فبدت لوحاته وكأنها ملطخه بالألوان. له عده أعمال تعتبر من روائع الفن التشكيلي.. مثل... لاعبوا الورق التي تمثل حبكه التصميم حيث قام برسم أكثر من لوحه فمثلا لوحة عبارة عن 5 أشخاص 3لاعبين و 2متفرجين واخرى 3 اشخاص 2لاعبين وآخر متفرج..وهذه اللوحات موجودة بمتحف اللوفر.. أيضا من اعماله لوحة(طبيعة ساكنة مع سلة فواكه) ونرى هنا رسمه لبعض العناصر وكأننا نراها من الأمام والأخرى من زاويه علوية.. ويظهر سطح المنضدة مائلا من جهة ومستقيما من جهة أخرى.. توفي سيزان في عام1906بعد ان ترك كنوزا من الأعمال الفنيه المتميزة. حتى أن لوحته لاعبوا الورق قد بيعت بمبلغ 269.4 مليون دولار....

image

سيدتي

د نبيلة تاجر
المرأة والعلمانية
د نبيلة تاجر

      يتضح للوهلة الأولى أن العلمانية دعوة للبعد عن الدين وتطبيق الحرية بلا حدود وذلك نتيجة أن التعريف العام للعلمانية هو فصل الدين عن الدولة. ترتب على ذلك مقاومة مستميته للعلمانية. وذلك لأنها تهدد أصحاب المصالح الذين يريدون تضليل العقول وتكريس الغيبيات وعدم إعمال العقل الانسانى وشعور الإنسان بعدم احترام إنسانيته وعقله المفكر. وأخص هنا المرأة لأن العلمانية تهدد الأفكار والمورثات التقليدية عن المرأة والنظرة الدونية لها نتيجة سلطة ذكورية وعدم مساواة بين الجنسين لا شىء يبرره سوى أفكار بالية. لكن فى ظل العلمانية تتمتع المرأة بحرية كاملة فى اتخاذ القرار فى كل أمور حياتها بداية من اختيار تعليمها وعملها وزوجها والخروج من تحت وطأة القيم التى تهين المرأة وتجعلها ناقصة عقل ودين تعيش فى حالة من التناقض تحت ضغط الأقوال والأمثال الشعبية المهينة للمرأة والتى ترفع من شأنها فقط عند خدمة أغراض ومصالح الرجل فعلى سبيل المثال يقولون أنها ناقصة عقل ودين وعندما تتعرض لعنف الزوج وإهانته والزواج بأخرى يقولون لها إن الست لازم تكون عاقلة لا تهدم بيتها. ويجب ان تعامل زوجها كطفل لأن ضل راجل ولا ضل حيطة. تظلم وترضخ تحت وطأة الازدواجية والتقاليد. فى ظل العلمانية من حق المرأة أن ترفض إهانة وظلم الزوج ولها الحق فى الطلاق والسفر بدون إذن الزوج وحقها المتساوى بالرجل فى الميراث لانها ليست قاصر ومتساوية فى الحقوق والواجبات مع الرجل أمام القانون. يحق للمراة أيضا أن تصل إلى أعلى المناصب. ولها الحق فى الانتخاب والترشيح وعضوية الحزب الذى تريده. تشارك فى المجالات الثقافية والرياضية حتى الرياضات القاصرة على الرجال دون تمييز.
      أخيرا أقول ان العلمانية ليست ضد الدين ولكنها تفصل الدين عن الأمور الإنسانية التى يفصل فيها القانون ليتساوى الجميع بلا تمييز. ولكننى أعلم يقينا أننا نسبح ضد التيار ولكن يأتى اليوم الذى تتحقق فيه المساواة دون تمييز فى الجنس أو اللون أو العقيدة ويكون الجميع سواء أمام القانون واحترام الإنسانية.



د مرفت العماري
تحرير الإيمان
د مرفت العماري

      تحرير الإيمان ذلك هو تعريف بسام طيبى " باحث لبنانى " للعلمانية وذلك التعريف عندما عرفته أول مرة شعرت بمدى عمق وفهم معنى العلمانية فهو بذلك التعريف قد مس كبد الحقيقة ؛ فالتحرير هو المدخل الحقيقى لفهم العلاقة بين الله و الإنسان فكلما كان هناك حرية حقيقية كلما كان الاختيار مبنى على الفهم ؛ فالعلمانية تعنى أيضا التخصص أى ان كل يعمل فى مجاله من يعمل طبيبا عليه ألا يعمل مهندسا و العكس صحيح ؛ فالتخصص يؤدى إلى التعمق والتفرد وإنتاج أفكار جديدة تساعد فى فهم تعقيدات الحياة ؛ فالتخصص يزيد من السيطرة والتحكم فى فهم الظواهر وتفسيرها ؛ ما يحدث من خلط متعمد لتعريف العلمانية على انها إلحاد ومجرد فصل الدين عن الدولة بمنطق شيطنة العلمانية وأنها هى الكفر . بعينه غير صحيح ، فقد يكون الشخص علمانى ومسلم أو مسيحى أو ينتمى لأى ديانة اخرى ؛ فالعلمانية هى طريقة تفكير وهى الطريقة المنظمة المرتبة فالشخص العلماني هو من يعطى ما لله لله وما لقيصر لقيصر هذه هى العلمانية الحقة من حيث احترام العقل و انتهاج منهج علمى فى التفكير وإدارة الحياة بطريقة منظمة ؛ هناك تعمد لتضليل الفكر لابعاد الأفراد عن إدارة عقولهم بطريقة تؤدى لإنتاج أفكار جديدة تدعو الى إعمال العقل وتحمل المسؤولية ؛ فالشخص العلماني هو مسؤول عما يفعل ، يشعر بالفردية و بالتالي يستطيع تغيير مساره عندما يكتشف خطأه وهو دائم التوقف أمام أفعاله و أفكاره ويراجعها باستمرار حتى يواكب أى تغير يحدث ولسان حاله يقول أنا صح وغيرى قد يكون صح اى أنه مرن يعطى فرصة لتطوير ذاته باستمرار و كذلك يحترم الآخرين فهو ان ثبت خطأه يراجع نفسه ؛ هذه هى العلمانية من وجهة نظرى فهى طريق وطريقة لفهم الإنسان لنفسه وللعالم ؛ فالعالم المتقدم عندما اتخذها منهج لإدارة حياته أحدث نقلة نوعية فى العالم و ليست البلاد التى أنتجتها فقط .

عقول راقية

الأستاذة ابتهال سامي
العلمانيه هي الحل
ا ابتهال سامي

      العلمانية هي موقف فلسفي و نمط في التفكير وليست أيديولوجيا لذا فهي تحمي الدين من عبث السياسيين به و تحمي السياسيين من عبث رجال الدين
ولكني ليتساءل أحدكم ..
هل يمكن أن يكون الإنسان علمانيا و متدينا في آن واحد معا ؟
نعم ممكن طالما أن الإيمان بقي في حيزه الفردي و لم يأخذ طابعا قاهرا للآخر .. فالإنسان طالما أنه يحترم الآخر ذكرا أم أنثى و لا ينتقص من أهليته لأي سبب كان و يلتزم بقوانين المواطنة ولا يتمرد عليها فهو يستطيع أن يمارس عباداته وشعائره و قناعاته الدينية كما يحلو له.. بل واجب الدولة أن تحميه و توفر له كل ما يلزم .
ولكن لماذا يشوه الإسلام السياسي العلمانية ؟
لأن العلمانية تكشف وهم امتلاك الحقيقة المطلقة و تجعل الناس متساويين وهذا يحرم أنصار الإسلام السياسي من وجاهة احتكار فهم الدين .
ما هو دور رجال الدين في المستقبل حسب الرؤية العلمانية؟
تري العلمانيه بأن دور رجال الدين محصور في تنشيط عملية الإصلاح الأخلاقي و شرح العبادات للناس و ممارسة الدعوة ضمن أطر القانون مع حفظ حقهم الكامل كمواطنين بالتمثل في المجالس النيابية و استلام جميع مناصب الدولة شرط الالتزام الكامل بالدستور و المواثيق المنشئة للدولة.
ما الرابط بين العلمانية و الديمقراطية ؟
العلمانية شرط رئيسى للديمقراطية و لا يوجد نظام ديمقراطي حقيقي غير علماني
إن أحلام شباب الربيع العربي المنتمي إلى فضاءات رحبة من القيم الإنسانية المشتركة القائمة على ثقافة حقوق الإنسان و الحرية و الكرامة الإنسانية تستلزم طلبا ملحا من جميع النخب الفكرية المثقفة للترويج للفلسفة العلمانية من أجل إنشاء الدولة الوطنية الحديثة القائمة على فضيلة الديمقراطية و نسبية التفكير الإنساني واحترام الاخر.. حفظا لسلامة الأوطان من التمزق المذهبي بل أجزم أنه الدواء الناجع لكل الأمراض الاجتماعية المزمنة في المنطقة و الماء الذي بإمكانه أن يطفئ حرائق التاريخ للانطلاق بثقة في إعادة إعمار البلاد و بناء الإنسان واللحاق بركب الأمم المتحضرة ... تقبلوا محبتي



المهندسة مني توفيق
العلمانية و الإيمان
 م مني توفيق

      يرى الكثيرون أن العلمانية ضد الإيمان و أنا أرى أن العلمانية تحرر الإيمان من سيطرة المؤسسات الدينية و من اختلاط الايمان بالأعراف و التقاليد و الموروثات، في وقت سابق كان الأزاهرة يعتقدون أن ارتداء ساعة اليد هو فعل غير لائق، كما أنه لا زال هناك حتى يومنا هذا من يفتون بحرمانية شرب القهوة، فالتدين الشكلى الظاهرى يختلف باختلاف الزمان و المكان، أراه عبودية للمؤسسة الدينية و للتراث الدينى وانحرافا عن الإيمان السليم.
      بدون حرية لا يوجد إيمان، لا أحد يستطيع إجبار غيره على أي إيمان من أي نوع و لكن بالإرهاب و العنف تجبر الأفراد و الشعوب على إدعاء إيمان ما، يفسر لنا ذلك المتناقضات التي نراها واضحة جلية في مجتمعاتنا ، كأن يدعى شخص ما الروحانية و هو غارق في الحياة المادية و التعدى على الآخرين، و يدعى المجتمع التدين و التحفظ و يؤسفنى أن أذكر أن مصر تحتل مركزا عالميا فيما يتعلق بالتحرش و مشاهدة المحتوى الإباحى و نعرف جميعا انتشار السرقة و العنف و البلطجة و التعدى الصارخ على المرأة و الطفل. نرى ذلك بشكل شبه يومى . و السؤال هنا ماذا تريد مؤسساتنا الدينية؟ هل يريدون إيمانا حقيقيا أم ظاهريا أم أن مسألة الإيمان لا تعنيهم و يريدون فقط مصالحهم الشخصية و مكاسبهم؟ المزيد من السلطة و السيطرة و المال. هل يريدون صالح هذا الوطن؟ ليس من قبيل المصادفة تركيزهم على الشكل دون الجوهر فليس من مصلحتهم أن نهتم بالفكر و الثقافة و الحرية، ليس من صالحهم أن ننتقدهم، هم لا يريدون أن يقربوننا من الإله ، هم يريدون أن يكونوا هم الإله.
      قرأت على لسان سيدة فاضلة تقول أن من تسببت فتواهم بتحريم التصوير في أن أقطع صور غالية على و ذكريات لا يمكن تعويضها، أراهم الآن على شاشات الفضائيات و أرى صورهم في كل مكان. لقد خدعت تلك السيدة و لم تفهم أنهم يعملون لصالحهم الشخصى فالتصوير الآن أصبح يدر عليهم المال الوفير فكيف يحرمونه؟
      الحرية تنتزع و لا تمنح، و ستفرض عليهم العلمانية شاءوا أم أبوا و لكن هل العائق الوحيد هو المؤسسات الدينية؟ لطالما كانت هناك علاقة شيطانية بين المؤسسة الدينية و المؤسسة الحاكمة ، فقيادة مواطن مفكر و حر أصعب كثيرا من قيادة قطيع لا يعقل و لا يفكر و يتلقى ما يلقى إليه على أنه حقائق مجردة و قابل للخداع. يحاربون من يجرؤ على التفكير بقانون ازدراء الأديان الذى أراه ازدراءا للدين و اعتباره ملك خالص لهؤلاء و سلاح يستخدمونه ضد من يريدون وقتما يريدون. إن هذا القانون اعتراف صريح بعجزهم عن الحوار و قبول النقد. و الحقيقة كما أراها أنهم ليسوا غيورين على الدين كما يدعون و لكن خائفين على مكتسباتهم و التي سيفقدونها متى حل النور و الوعى مكان الظلام و الجهل.



د حسن يوسف
العلمانية ضرورة حضارية
د حسن يوسف

      في العلمانية يتأكد الإنسان من وجوده .. وكأنه يقول مع ديكارت أنا أفكر إذن أنا موجود .. فإذا كان ديكارت انطلق من إثبات وجود الذات كدليل على وجود الذات في الكون والحياة .. إذن ذلك التفكير هو المميز وهو المرغوب للإنسان في الحياة .. أنا أفكر معناها أنني أفكر في اللحظة التي أوجد فيها وعلى عاتقي تقع المسؤولية..وإذا لم أفكر وإذا أخذت الحلول من غيري أنفى وجودي وانتفت صفة التفكير التي تميز الإنسان .
      إن التفكير الذاتي دليل على عدم العجز ودليل على القدرة على مواجهة الوجود المعاش .. وهذا هو ما تطلبه العلمانية..العلمانية في صميمها دعوة للتفكير المستقل والمستقبلي لكي يكون الإنسان إنسانا جديرا بالحياة . ويؤكد فؤاد زكريا على أهميتها في حياتنا المعاصرة :
      (العلمانية – في وضعنا الراهن – محاولة لصد تيار ظلامي يزحف على بلادنا بقوة متزايدة ، وتساعده قوى داخلية وخارجية عاتية وهى إطار فضفاض شديد الاتساع، يمكن أن يحتوى في داخله على شتى أنواع المواقف السياسية والأيديولوجيات. فمن الممكن أن يكون هناك علماني يميني وعلماني يساري، وعلماني ليبرالي وعلماني ماركسي ، وعلماني متدين وعلماني غير متدين . وهكذا فإن العلمانية لا تكشف لنا عن الطريق الذي ينبغي أن نسير فيه، وإنما تشير بوضوح إلى الطريق الذي ينبغي أن نتجنبه، ثم تترك لنا بعد ذلك حرية اختيار المسار ).
      ونختتم القول بما تراه جوديث بتلر:أن العلمانية..قد لا تسبب زوال الدين بل هي في الواقع (قد تكون منفذا يتيح للدين البقاء)..إن العلمانية في معناها وجوهرها استخدام العقل تجاه المشكلات دون أن تضع سقفا أو حدودا لذلك التفكير..إنها التفكير الحر في مواجهة المشكلات والمعضلات التي تواجه الإنسان..دون أن تتعرض للدين من قريب أو بعيد..فإذا اتفقنا أن المشكلات التي تواجهنا تحتاج للتفكير العقلي والتحليل ومواجهتها بآليات واقعية هنا نكون علمانيين .
      وإذا كان الدين يدعو إلى التفكير العقلي إذن لماذا يدعون كذبا بأن العلمانية تهاجم الدين ؟ والرأي عندي أن العلمانية تقوى الدين وتدعمه ،وليعلم الجميع أن الدين له دوره الأساسي في حياة الإنسان..فالدين يعطى للحياة معناها ومغزاها ..فليتنا نفكر في الأمور بشكل عقلي منفتح.



د بهي الدين
العلمانية ودولة الكفر
د بهي الدين

      لا أظن بأن لفظ "العلمانية" لا يزال لفظاً سيئ السمعة كما سوق له بعض المتأسلمين وأنصاف الفاهمين، فقد ربطها الكارهون لها بالإلحاد، إلّا أن العلمانية أبعد ما تكون عن الإلحاد كما سأبين، فالعلمانية طريقة في النظر إلى مسألة الحكم، وليس موقفاً من الإيمان . بداية، جرى التعارف على أن العلمانية هي المبدأ القائم على فصلِ الدين والمؤسسات الدينية والأشخاص ذوي النفوذ الديني وكافة حاملي السلطة الدينية عن الحياة المدنية سواء بالرقابة أو التشريع أو المساءلة. ولكن البعض يري أن العلمانية لا تُعنى من قريب أو من بعيد بهذا الفصل الظاهري، بل على العكس كما يقرأها الراحل د. عبد الوهاب المسيري، فهو يرى أن العلمانية والدين لصيقان بالمدنية مع وجود محددات تمنع التغول الديني أو التجاوز العلماني. تعرض مفهوم العلمانية إلى لغط كثير، وآية ذلك أن بعض الكارهين لها قد ربط بينها وبين الإلحاد. لكن العلمانية أبعد ما تكون عن الإلحاد. أود أن أشير في البداية إلى أن الكتاب العرب قد اختلفوا في نطق هذه الكلمة، وبالتالي في كتابتها. فمنهم من كتبها بفتح العين ومن كتبها بكسرها، ومن ثم يتأرجح المعني بين النسب إلى العالم، أو العلم . جاء ميلاد العلمانية عندما تعاظم الاحتياج إلي تقليص سطوة الكنيسة الأوربية في القرن السابع الميلادي، وتقوم العلمانية على مبدأ التوافق مع المنهج العلمي في إدارة علاقات الحياة، وكذلك تنحية الأحكام العقائدية وإزاحتها عن النطاق العلماني، وعوضا عن ذلك الترحيب بمجمل القيم الإنسانية والأخلاقية. أما من حيث خصائص العلمانية، فهي تركز على تجاهل العاطفة وليدة العقائد الدينيّة عند الأفراد، ومن ثم تلاشى التأثير الديني أو العرقي على العلاقات البينية داخل بيئة تطبيق العلمانية، وعلى النقيض، تتحمس العلمانية لمنهج الشك والفضول والبحث والاستقراء وتحري الحقائق من خلال المبحث الأكاديمي. بعض المراجع الاسترشادية: د. عوض القرني، العلمانية.. التاريخ والفكرة، صفحة 2، 3. بتصرّف سامي هابيل، "العلمانية"، الموسوعة العربية، اصدار7-4-2017. بتصرّف. د. حمود الرحيلي، العلمانية وموقف الإسلام منها (بحث جامعي)، صفحة 7، 8. بتصرّف. العلمانية المعاصرة مخاطرها وسبل مواجهتها (بحث جامعي)، فلسطين: الجامعة الإسلامية - غزة، صفحة 208، 209، 210، 247، 248. بتصرّف.

كاتب وكتاب

د سمير فاضل
د سمير فاضل

الكتاب :- ثورة الفكر في عصر النهضة الأوربية
الكاتب :- دكتور لويس عوض
الكتاب صادر عن مكتبة الأسرة عام 2009 " سلسلة الفكر "
      هذه الدراسات تمثل أهم مقومات عصر الرنيسانس المعروف بعصر النهضة الأوربية ، إنها تمثل الدعامات الفكرية التي قامت عليها الحضارة الغربية الحديثة .
فهناك روح الاستكشاف والمغامرة والاقتحام التي تجلت في أسفار ماركو بولو ، ومازالت تلتهم الوجدان الأوربي قرونا حتي أينعت في مغامرة كولمبوس الكبري والكشف عن الأمريكتين والكشف عن رأس الرجاء الصالح وأستراليا ونيوزيلندا والقطبين ، حتي فض مغاليق القارة الأفريقية العذراء في القرن التاسع عشر ، وبعد أن فرغ الانسان من كوكبنا بدأ بغزو الكواكب الأخري في نهاية القرن العشرين .
وقد استغرقت ريادة الفضاء ستة قرون كاملة منذ حسابات كوبرنيك وجاليليو الدقيقة لمدارات الأفلاك حتي وطئت أقدام الانسان أرض القمر .
وهناك ظهور ظاهرة الدولة القومية من أنقاض الجامعة الدينية التي نجد دعامتها النظرية في دانتي اليجيري وفي مكيافيلي وهي في وجهها الناضر وراء كل حركات التحرر الوطني منذ جان دارك ، ام شهداء الوطنية في العالم الحديث ، وفي وجهها الكريه وراء العنجهيات القومية والعنصرية والدينية ووراء بحار الدماء التي خضبت وجه الارض منذ آلاف السنين ، وحالت ولا تزال تحول دون قيام مجتمع دولي ترفرف عليه رايات الحرية والعدل والمساواة .
هناك انتصار اللهجات الشعبية علي اللغة الفصحي " اللاتينية " وتحولها الي لغات حية مزدهرة بالآداب الخصبة بثمار القلب والعقل بعد ألف عام من العقم الكنسي الذي قتل الآداب والفنون والعلوم ، وخنق لغة الشعب وحرم ترجمة الكتاب المقدس إليها حتي يحتكر الكهنة فهم نصوص الدين وتفسيرها للملايين من بسطاء المؤمنين .
يستعرض هذا الكتاب رواد حركة النهضة الأوربية الحديثة مثل ، مارك بولو ، دانتي اليجيري ، بترارك ، بوكاشيو ، مكيافيللي ، لوزنزو دي مديتشي ، سافونارولا ، بيكو ديللا ميراندولا ، ليونارد دافنشي ، رفاييل ، ميكلانجلو ، إرازموس ، جوردانو برونو ، جاليليو ، و كامبانيللا .
في الأعداد القادمة من المجلة سوف نضع أمام القاريء العزيز ما قدمه كل واحد من هؤلاء الرواد .

اﺗﺼﻞ ﺑﻨﺎ

Website: www.alensan.org
E-Mail:info@alensan.org

رأيك يهمنا

"Show Menu"