corner

العدد السادس - الليبرالية

هذه المجلة تعبر عن قضايا وهموم الإنسان بغض النظر عن إنتمائه الفكري أو العقائدي، ولذلك فإنها لا تنتمي إلي فصيل سياسي أو ديني أو طائفي، وإنما تنتمي للإنسان من حيث هو كذلك. إنها تخاطب العقل بالأساس، تخاطب الإنسان وفكره ووعيه، فنحن مع كل ما ينمي ويطور عقل ووعي، حرية وشرف، سعادة ووجدان الإنسان.

في هذا العدد

د. عبد الله شلبى: إفتتاحية العدد

الأنبا مكسيموس:عبودية الليبرالية المعاصرة

د. عبد الله شلبى:نهاية الأيديولوجيا من الليبرالية والماركسية إلى الأصولية الدينية.

د. خيري فرجاني: مفاهيم ينبغي أن تصحح: "الليبرالية".

القس رفعت فكري سعيد: الليبرالية

د. سامية عبد الرحمن: نحن والليبرالية

أ. حسن اسماعيل: الإنسان الإله .. والإنسان العبثي.

الشاعر خالد النشوقاتي:الهبوط علي القمر من فوق السطوح

أ.د./ حسن حمادلماذا فشلت الليبرالية في مصر ؟

د. مرفت العماري: الليبرالية والمرأة والمجتمع

ا.د/عماد عبد الرازقب: الليبرالية الجذور والمنطلقات

أحمد فوزي سالم الليبرالية التي يخافون منها !

د.سمير فاضل: كاتب وكتاب - خطاب إلي العقل العربي

ماريا: لوحات فنية

إفتتاحية العدد

د. عبد الله شلبى:
دكتور عبدالله شلبي.

      تحياتي لقراء مجلة الانسان الأعزاء ... يأتي هذ العدد من مجلة الإنسان استكمالاً لتناول المجلة للمسار الحضاري الإنساني الذي بدأته بالعلمانية، ثم العقد الاجتماعي، ومن بعده التنوير والليبرالية والتي تمثل تتويجاً لهذا المسار. تأسست الليبرالية كفلسفة تتسم بشمولها لكل جوانب حياة الانسان والمجتمع في السياسة، والاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، وشخصية الانسان الفرد؛ على أفكار الحرية والمساواة وعلى اعتبار أن سلطان الفرد الحُر كامل الكرامة الإنسانية فوق سلطان المجتمع. فالإنسان يخرج إلى هذه الحياة فرداً حراً له كامل الحق في الحياة والحرية وحق التفكير المتحرر من كل سلطان إلا سلطان عقله، وحرية الاعتقاد والضمير، وحرية التعبير والحق في الحياة كما يشاء ووفق قناعاته، فالليبرالية لا تعني أكثر من حق الفرد - الإنسان أن يحيا حراً كامل الاختيار وما يستوجبه ذلك من ضرورات التسامح في سياقات المساواة القانونية الكاملة مع غيره في الحقوق والواجبات، والقبول التام لحق الاختلاف والتعايش معه. ويعني هذا أن حرية أعضاء المجتمع كأفراد واختياراتهم الحرة هما حجر الزاوية في الفلسفة الليبرالية ويكون ذلك مرهوناً بوقوف الدولة الليبرالية على الحياد وعلى مسافة واحدة أمام جميع أطياف الشعب وما يحملونه من معتقدات دينية أو فكرية، وبغض النظر ايضاً عن هُوياتهم الاجتماعية والعرقية والقومية، كما أنها لا تتدخل فيها أو في الأنشطة الاقتصادية إلا في حالة الإخلال بمصالح الفرد.
      وتتأسس الديمقراطية الليبرالية على تكريس سيادة الشعب، فالشعب وحده هو مصدر الشرعية ومصدر الحكم، وصاحب السيادة يختار من يحكمونه ويمثلونه عن طريق الاقتراع العام كتعبير عن إرادة الشعب الحرة العاقلة وبمقتضاها يكون الحاكم مُعرّضاً للمساءلة والمُحاسبة من قبل المحكومين الذين اختاروه وعلى نحو مُستمر ، وإن أساء استعمال الحكم الذي وضعه الشعب أمانة في عُنقه، وإن أساء استخدام السلطة التي منحها له الشعب، وإن لم يلتزم بضمان مصالحهم وتطويرها والدفاع عنها ؛وجب على الشعب حينئذ مُحاسبته وخلعه . كما تتأسس الليبرالية على احترام مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية دون تغول أو طغيان من أحداها على الأخرى، وأن تخضع هذه السلطات جميعها لحكم الدستور والقانون من أجل ضمان الحقوق والحريات الفردية، وللحد من الامتيازات الخاصة والاستبداد والاستغلال، ورفض ممارسة السيادة خارج المؤسسات الشرعية ولكي تكون هذه المؤسسات معبرة عن إرادة الشعب بأكمله.
      ولقد تمحورت مقالات هذا العدد حول مناقشة هذه الأفكار؛ حيث قدم الأستاذ الدكتور حسن حماد مقالاً يتساءل فيه عن عِلة فشل الليبرالية في المجتمع المصري، ويقدم القس رفعت فكري تأصيلاً نظرياً لمصطلح الليبرالية، وتعالج الأستاذة الدكتورة سامية عبد الرحمن علاقتنا كمصريين وكعرب بالليبرالية في مقالها نحن والليبرالية، ويناقش الأستاذ الدكتور عماد عبد الرازق في مقاله جذور ومنطلقات الليبرالية، ويطرح الدكتور خيري فرجاني أهمية تصحيح مفهوم الليبرالية في الخطاب العام، ويعالج الأستاذ أحمد فوزي قضية الخوف من الليبرالية ،وتناقش الدكتورة مرفت العماري في مقالها قضايا المرأة في السياقات الليبرالية، ويتناول الأستاذ حسن إسماعيل قضية مهمة على الصعيد الفكري تعتبر إفرازاً لمناخ حرية التفكير والاعتقاد وتحرر الذات الإنسانية في مقاله الانسان الإله، والإنسان العبثي، ويقدم الدكتور سمير فاضل قراءة واعية لكتاب خطاب إلى العقل العربي للأستاذ الدكتور فؤاد زكريا بحسبانه من أهم ممثلي الفكر الليبرالي المعاصرين في مصر، وفي مقاله نهاية الأيديولوجيا والتحول من الليبرالية والماركسية إلى الأصولية، يناقش الدكتور عبدالله شلبي النكوص والارتداد عن الليبرالية والعودة إلى ما قبل التنوير والعلمانية وبزوغ الأصوليات الدينية منذ بدايات الربع الأخير من القرن العشرين المنصرم.
      القراء الأعزاء لمجلة الانسان.. الحق أقول لكم أنكم مرآتنا التي تعكس ما نقدمه على صفحات مجلتكم المعنية بالأساس بقضايا الأنسان وهمومه، وكل ملاحظاتكم الواعية وانتقاداتكم الصائبة تسهم يقيناً في تصويب مسار هذه المجلة وفي تخصيب وإثراء ما تقدمه من أفكار، وتود هيئة تحرير المجلة أن تعبر لكم عن بالغ سعادتها بتواصلكم معها وبمشاركتكم في الكتابة على صفحاتها.
      تحية والاحترام والتقدير لكم.
      نحن نحبكم جميعاً.

اﻟﺤﻮاﺭ اﻻﻧﺴﺎﻧﻲ

الأنبا مكسيموس
عبودية الليبرالية المعاصرة
الانبا مكسيموس

      كانت الحرية هي حلم البشرية التي رزحت أجيالاً طويلة تحت قسوة وظلم استعباد الانسان للإنسان وعبر محاور ثلاث رئيسة وتفريعاتها وهي الدين، والسلطة، والعبودية والرق على المستويين الفردي والجمعي! وكأسقف مسيحي أعرف جيداً أن تحرير الانسان كان على رأس أولويات إرسالية المسيح" إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً" ، وأعرف كذلك باليقين التاريخي الثابت الدور الذي قام به أساقفه في كنيسة المسيح ، في قمع واستعباد كرامة وحرية الانسان باسم العقيدة والإيمان ! بلغ بعضها حد قسوة القتل وحرق الأحياء ! ناهيك عن مشاركتهم أو دعمهم للسلطة الظالمة في قمع الانسان في حال لم يكونوا أصحاب سلطة فعلية للقمع!
      وإذا عبرنا من الغرب إلى الشرق ؛ فحدث ولا حرج عن الأدوار الكئيبة التي قامت بها الخلافات الإسلامية المتكررة في هَوانِ وقمع الانسان مستخدمة نفس الأداة البغيضة: خلط الدين بالسلطة؛ والسلطة بأحكام الدين، وهو الامر الذي كان كافياً على مدي قرون طويلة ومريرة من أن يملأ البشر من الكراهية والرفض للدين والسلطة معا، فكانت الشرارة الأولي التي انطلقت من الثورة الفرنسية بدعوة مبشرة بتحرير الانسان من عبودية الانسان بالسلطة أو بالدين أو بالاثنين معا ! وسرت روح ثورة الحرية الفرنسية في أوروبا سريان النار في الهشيم ليولد عالم جديد يحلم بالليبرالية 
      ثم كان مولد عالم حقيقي جديد على أرض الواقع باكتشاف أميركا وتدفق هجرة الأوروبيين  أولا إليها لتصبح أميركا عالماً جديداً وحقيقياً بالفعل لكل الحالمين بالحرية والناجين من الظلم والاضطهاد الديني. كانت الفرصة متاحة وغير غائبة عن الحركة الماسونية هم أيضا لتأسيس حلمهم في العالم الجديد ومنه يخرج الحلم الأكبر : النظام العالمي الجديد الذي تقوده أميركا، وتحقق الحلم فعلا وأعلن استقلال أمريكا يوم(4) يوليو من عام ( ١٧٧٦ ) في فيلادلفيا بنسلفانيا وكان أول رئيس لأميركا الجديدة هو الكاهن الماسوني الأعظم جورج واشنطن وشارك الماسونيون بقوة في كتابة الدستور الاميركي وصار الرؤساء الأمريكيون في أغلبهم على الإطلاق ماسونيون الي يومنا هذا. وهكذا صار المذهب السياسي الذي تحكم به الولايات المتحدة الأمريكية هو العلمانية؛ بينما صارت الليبرالية هي المنهج الفكري والثقافي الذي تبناه الماسونيون لخلق تيار فكري وثقافي بجوار الحركة الماسونية المنظمة لتعميم وتحقيق أهداف الماسونية بليبرالية التحرير من التخلف والقمع الديني بالأنسنة ( Humanism ) وصارت الهيومانيزم ديانة بلا إيمان وأخذت كل المبادئ والمثل المسيحية السامية ونادت بها دون الايمان والمسيح!
      الحقيقة الأليمة التي لم تعد خافية على أحد هنا في أميركا أن الليبرالية تحولت من خلال النظام المالي والاقتصادي إلي وسيلة استعباد عصرية للإنسان ، فالنظام الاقتصادي والمالي الذي يسيطر على البنوك هو الذي يتحكم في كل شيء ، والبنوك هي التي تملك البيوت والسيارات والمصانع والشركات والمطاعم...  إلخ، وصار على الانسان الذي يحصل على أي من هذه أن يظل يعمل طوال حياته ليسدد أقساطها للبنوك بقيمة مضاعفة وإذا أخفق تؤخذ منه ويطرد منها إلي الشارع!
      هذه هي صورة العبودية المعاصرة للإنسان ولكن برأس المال وليس بالاسترقاق! ويدعم هذه العبودية عبودية الجنس والإدمان لاستعباد الشباب والسيطرة عليهم بأدوات الميديا وهوليود والموسيقي والشذوذ الجنسي... إلخ، ويتبقى لنا سلاح القوة والحرب للسيطرة علي الآخرين مع القوة الاقتصادية الناعمة لتحقيق النظام العالمي الجديد، يا فرحه ما تمت نجا العالم من عبودية تحالف السلطة مع الدين إلي عبودية الليبرالية المعاصرة !



image

اﻟﺪﻳﻦ ﻭاﻟﻤﺠﺘﻤﻊ

د عبد الله شلبي
نهاية الأيديولوجيا من الليبرالية والماركسية إلى الأصولية الدينية.
د عبد الله شلبي

      فى عام( 1960 ) نشر عالم الاجتماع الأمريكى " دانيال بل D.Bell " كتاباً يحمل عنوان " نهاية الأيديولوجيا The end of I deology . حول نهاية الأفكار السياسية فى الخمسينيات "، وفى هذا الكتاب قدم "بل Bell " شهادة الوفاة الطبيعية للأيديولوجيات السياسية ، حيث ارتأى أن عصر النظريات القائمة على مصالح طبقة أو جماعة اجتماعية قد انتهى ، فالأيديولوجيات القديمة ، ويعنى الماركسية والليبرالية، قد وصلت إلى طريق مسدود ، واثبتت إفلاسها كبديل عن الدين فى رؤية مستقبل البشرية . يقول " بل Bell " : إن هذه الأيديولوجيات قد استنفذت ، ولا يتضح من تاريخها إلا حقيقة واحدة ، وهى أنها فقدت مصداقيتها وقدرتها على الإقناع . فمع تطور المجتمعات الصناعية تصبح الفوارق الطبقية أقل حدة ، وتتجه إلى الإضمحلال والتلاشى ، ومن ثم تَحل المعالجات العلمية الخالصة للقضايا الاجتماعية والاقتصادية مَحل المعالجات الأيديولوجية ، وتتسم هذه المعالجات العلمية بأنها مستقلة عن الطبقات والاعتبارات السياسية ، وهى تستند إلى معايير دقة البيانات وتحسن تكنيك البحث ، وكفاءة النتائج ، ونمو وسيطرة أسلوب التفكير التكنوقراطى Technocracy ، ومن ثم ينبثق أمامنا مجتمع لا يسترشد بالأعتبارات الأيديولوجية ، وإنما بالعلم والترشيد والعقلانية ، وهذا هو مجتمع المستقبل وبهذا المعنى يرى " بل Bell " أن عصر الأيديولوجيا قد انتهى .
      لقد نظر " بل Bell " فى دعوته إلى الليبرالية والماركسية بحسبانهما شكلاً من أشكال الديانات السياسية الكاذبة والفاسدة . فهى، فى رأيه تحول الأفكار إلى عتلات إجتماعية لتحريك الجماهير، وحيث تدار هذه العتلات من أجل التأثير فى الرأى العام وصياغة وعى البشر وفق أهداف سياسية بعينها ، وبغض النظر عن صحة مبادئها، ذلك أنها تهدف فحسب إلى خدمة مصالح القوى المتصارعة . ولذلك ذهب " بل Bell " إلى أن العقود التى ستلى عقد الخمسينيات من القرن العشرين سوف تشهد نهاية إيديولوجيات القرن التاسع عشر ويعني بها الليبرالية والماركسية كأنظمة عقلية كان باستطاعها إدعاء امتلاك الحقيقة وإدعاء صحة وحقيقة وجهات نظرها حول العالم.
      واتساقاً مع تصوراته ، أعتقد " بل Bell " أن المجتمعات المعاصرة لم تعد فى حاجة إلى أى نوع من الأيديولوجيا لأن الصراعات الأيديولوجية لن يكون لها لها مكاناً فى عالمنا المعاصر لانتفاء أسباب الصراع الأيديولوجى العميق والحاد ، الذى اتسم به النصف الأول من القرن العشرين . وبالتالى لم تعد هناك حاجة لا للماركسية المتزمتة ، ولا لليبرالية المتزمتة أيضاً ، لأن عصر التناقضات الأيديولوجية قد انتهى على حد تعبير " ريمون آرون R.Arown " أحد أبرز منظرى تيار نهاية الأيديولوجيا وانحلال وتدمير واختفاء التركيبات الأيديولوجية. واعتقد " بل Bell " أن إضمحلال الأيديولوجيات مردود إلى أن المجتمعات حققت قدراً عالياً من الإتفـاق العـام General Consensus اختفت معه أيه تيارات أيديولوجية متعارضة تعكس تعارضاً وتناقضاً فى المصالح والأهداف للطبقات الاجتماعية . وعلى حد زعمه ، واتساقاً مع كل هذه المقدمات تصبح الأيديولوجيا السياسية والالتزام السياسى / الاجتماعى، أي تصبح الليبرالية والماركسية، أموراً غير ضرورية لخوض أى نضال سياسى واجتماعى داخل المجتمعات المعاصرة .
      ومع اختفاء الأيديولوجيات السياسية الكاذبة والفاسدة ، كما إدعى " بل Bell " ، لم يعد يبقى أمام البشر سوى العودة إلى الدين ، الذى ادعت هذه الأيديولوجيات أنها بديل عنه ، وبذلك ينفتح الطريق أمام الأصوليات الدينية لتناضل باسم الإله أو الآلهة والمطلقات الأصولية الدينية، وبيان ذلك فى تقديرى ، ممكن على النحو التالى:
      فى رأى " دانيال بل D.Bell "، أن الدين حاجة ضرورية تعبر عن وعى البشر بمحدوديتهم وتناهيهم ومحدودية قدراتهم ، وسعيهم لإيجاد إجابات متماسكة ومترابطة للأسئلة الوجودية التى تقابل كل المجتمعات الإنسانية والمرتبطة بوعى البشر بوجودهم المتناهى ، والموت ، والمأزق الإنسانى ، والواجب الأخلاقى والإلتزام ... ، وهذه الأسئلة وغيرها تعد ثقافة كونية موجودة فى كل المجتمعات الإنسانية ، وقد يتمكن الإنسان من السيطرة على الطبيعة بالمعرفة العلمية وبتطوير قدراته وإمكاناته التكنولوجية ، ولكن تظل هذه القضايا الوجودية قائمة . وهذا فى رأى " بل Bell " هو تاريخ الثقافة البشرية التى تتمحور، فى رأيه، حول الدين ، حيث يتم تجميع الاجابات الوجودية الجوهرية داخل إطار عقيدى يكون له معنى ودلالة لدى اتباع هذا الدين أو ذاك ، وهم يمارسون طقوساً معينة تزودهم بالالتزام الوجدانى ، كما يتم تأسيس بناء تنظيمى يجذب الرعايا المؤمنين المشتركين فى العقيدة والشعائر والطقوس ، ويعملون على استمرارية وتواصل هذه العقيدة والشعائر والطقوس عبر الأجيال.



      وبقدوم التنوير حدث ما أسماه " بل Bell " بالإنتهاك العظيم لحرمة الدين والمقدسات فظهرت بدائل فكرية عقلانية، الليبرالية والماركسية، للإجابات الدينية والوجودية التى تشغل البشر، وكانت هذه البدائل تسعى إلى تحريرهم من الأوهام المصاحبة للأديان التقليدية وتعتبر الأيديولوجيات السياسية أو الأديان السياسية ، كما يسميها " بل Bell " ، أحد هذه البدائل ولكن عبثا تحاول ، فقد ثبت كذبها وفسادها ، فهى على اختلاف أنماطها وتركيباتها النظرية ، وما تنطوى عليه من مسلمات علمية واجتماعية ، لم تعجز فحسب أمام التحديات التكنولوجية والحروب ، ومشكلات الفقر ... ، بل ساهمت - إلى حد كبير - فى تبرير التسلط والقهر السياسى والاستغلال والتعصب والعنف فى أنحاء كثيرة من العالم . فالرأسمالية التى استندت إلى أسطورة النمو كانت سبباً فى دفع البشر لتضحيات باهظة وانتهت بإحالة البشر إلى سادة وعبيد . والماركسية التى قامت على أسطورة الثورة والعدالة الاجتماعية والتحرر الاجتماعى انتهت بهيمنة بعض البشر على البعض الآخر. والمحصلة النهائية أن هذه الأيديولوجيات السياســية، فى رأى " بل Bell "، فقدت تأثيراتها على الذاكرة الاجتماعية للناس ، وأخذت فاعلية وظائفها فى الاضمحلال بشكل ملحوظ منذ العقـود الأخـيرة من القرن العشرين المنصرم.
      وقد دفع تحليل بل بشأن نهاية الأيديولوجيا إلى تقرير أن قوة دفع الحداثة التى أفرزت الأيديولوجيات السياسية العلمانية الليبرالية والماركسية، قد استنفذت أيضاً ، وأن الحداثة برغم أنها سائدة إلا انها فى رأيه ، ميتة . ومن ثم فنحن بالفعل فى حاجة إلى معايير جديدة تحد من المادية والاباحية وتعيد تأسيس أخلاق الانضباط والعمل ، معايير تكبح جماح عملية التسوية المتسببة عن دولة الرفاهية الاجتماعية ، وبحيث يمكن أن تسود من جديد فضائل المنافسة الفردية . ويرى " بل Bell " أن الحل الوحيد هو إعادة إحياء الدين ، لأن الإيمان الدينى مقروناً بإلإيمان بالتقاليد سيزود الأفراد بهويات واضحة التحدد وبأمان وجودى.
      وفى تقديرى أن كل هذه المقدمات والنتائج التى ساقها وانتهى إليها " بل Bell " ، تدعو إلى استبعاد الأيديولوجيات السياسية العلمانية، الليبرالية والماركسية، التى تعتبر إفرازاً للتنوير، وتطالب هذه المقدمات بالعودة إلى تراث ما قبل التنوير ، واعنى هنا الانزلاق والنكوص إلى الماضى بحثاً عن الأصول ، وقيم وممارسات الأسلاف ، وأية أنساق أخرى دينية كانت ، أو قومية ، أو عرقية ، يمكن أن تمنح البشر المعاصرين أنساقاً فكرية وعقيدية مغايرة . وأتصور أن ذلك الاستبعاد وتلك العودة كانت التبرير النظرى الذى قدمه " بل " لتدعيم بزوغ وصعود الأصوليات الدينية فى العقود الأخيرة من الألفية الميلادية الثانية وعلى امتداد العقدين الأول والثاني من القرن الحالي.
      والسؤال الآن لماذا تقف الأصوليات الدينية على تنوعها ضد الليبرالية على وجه الخصوص؟ والجواب ، في تقديري، لأن الليبرالية في حدها الأدنى تتسامح وتقبل حق الاختلاف، ومن ثم فهي تفسح المجال لرؤى بشرية متنوعة ومتباينة وفى سياق من المساواة القانونية التي تتيح إمكانات متكافئة أمام كل أشكال التعبير بما فيها التعبير عن الإيمان الديني والاعتقاد والهوية الذاتية. ويرى الأصوليون الدينيون أن المنحى الليبرالي ينطوي على إمكانية إشاعة الفوضى والإرباك والانحراف. فمعنى أن يقبل المرء وجود صياغات متنوعة ومتعددة للدين والهوية؛ فإن هذه الصيغة تعتبر فضاضة ومخادعة وتنتهي إلى إقرار النسبية، وهذا المفهوم يعنى انتفاء الحقيقة المطلقة التي تشكل جوهر الاعتقاد الأصولي. لكل ذلك يرتعد الأصوليون الدينيون رعباً من مفهومي النسبية والتعددية خوفاً من امتداد هذين المفهومين ليشملا وجود الإله ذاته، والقيم والفضائل والأخلاق الدينية والانتماء الأسرى، وغيرها من القضايا التي تتصل بها.
      وهذه المزاعم ما زالت ترددها الأصولية المسيحية السياسية المعاصرة، فهي تذهب إلى أن المسيحية مشروع اجتماعي يقوم على وحدة مبدأي الدين والدنيا، وأن الدولة والمجتمع يقعان تحت سلطان الله، ولا يمكن بحال فصل الله عن الحكومة، وكان "رونالد ريجان" الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية، خلال حملته الانتخابية عام ( 1980) لفترة رئاسته الأولى يرفع الكتاب المقدس بيده معلنا لناخبيه أن بين دفتي هذا الكتاب توجد حلولاً لكافة مشكلات العصر، كما أن حركة الغالبية الأخلاقية Morel Majority، المعبرة عن الأصولية المسيحية السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية منذ السبعينيات، كانت تُلح في دعوتها على العودة إلى الأصول الدينية والتقاليد والمعايير الأخلاقية للأسلاف، كما حددت الحركة لنفسها مهمة تأسيس سلطة جمهورية محافظة Conservative بالدعوة إلى القيم التقليدية المحافظة وبعث الالتزام الديني. يقول القس "جيري فلول J. Falwell " مؤسس حركة الغالبية الأخلاقية مخاطبا الأمريكيين في مطلع الثمانينيات: "لقد جاء الوقت الذي لابد أن يتكاتف فيه الأمريكيون الأخلاقيون ويقفون صفاً واحداً، ويبذلون كل جهدهم لكشف وتنحية تلك الأقلية الملحدة التي تضم أفراداً خونة أُتيحت لهم فرصة صياغة السياسة الأمريكية، لقد حان الوقت الذي ينبغي أن تدرك فيه هذه الأقلية أنها لم تعد تمثل الغالبية من الأمريكيين التي أصبحت من القوة بحيث لن تسمح بعد الآن لهذه الأقلية أن تدمر الأمة بما تحمله من فلسفات الحادية ليبرالية".
      وفي رسالته إلى رونالد ريجان وقت أن كان رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية؛ يقول "ريتشارد فيجري R.A.Vigurie" أحد رواد الحركة الأصولية المسيحية السياسية الأمريكية: "إن أمريكا في حاجة اليوم إلى بعث الالتزام الديني، وأنا أحثك على استثمار مهاراتك العظيمة لحفز البشر ودفعهم إلى البحث عن حلول لمشكلاتهم الشخصية والقومية عند الله، وهي مهمة تقتضي تطهير وطن الأجداد العظام من أعداء التفوق الأمريكي المطلق في العالم، والذين أصبحوا أسرى الليبرالية والإلحاد والعلمانية والجماعات الضالة المناهضة لحروب أمريكا ضد الأشرار في كل مكان".



ﺩ ﺧﻴﺮﻱ ﻓﺮﺟﺎﻧﻲ
مفاهيم ينبغي أن تصحح: "الليبرالية".
د خيري فرجاني

      ثمة اشكالية حقيقية تواجه الفكر العربي المعاصر، خاصة في مجال المصطلحات المتعلقة ببعض الموضعات الهامة مثل: "التنوير، والعصرنة، والعلمانية، والليبرالية، ونظرا للابتعاد عن المنهج الصحيح في التعامل مع المصطلحات، تأثرت عدة مصطلحات بتشوهات وخرج البعض الآخر عن نطاق مدلولها الصحيح، وحدث كثير من الخلل والخلط بين المصطلح ومفهومه. لا سيما، في المصطلحات المنقولة عن الغرب، أو المتنازع عليها بين الفكر الغربي المعاصر والفكر الأصولي المتمثل في جماعات الإسلام السياسي، أو بمعنى أدق الجماعات السياسية الإرهابية المتأسلمة. إذ يحاول، الأصوليون أن يصوروا أن الليبرالية هي تنحية للدين، وحرية تصل إلى حد الإنحلال الأخلاقي والمجون، أو أن تكون هناك نوادي للعراة، أو اختلاط بين النساء والرجال دون أدنى ضابط. أي، تحلل تام من كل قيد ديني أو أخلاقي.
      إذن السؤال الحاكم هنا.. ما معنى الليبرالية، وهل صحيح أن الليبراليين أعداء لكل عقيدة أيا كانت، وأن التحرر معناه الحرية الجنسية، وأن حياة الليبراليين هي حفلات مجون وجنس جماعي، الواقع أن هؤلاء الأصوليون لا يدركون حقيقة الليبرالية لأنهم لا يرون إلا الجانب الجنسي منها، نظرا للهوس الجنسي الناتج من الثقافة القمعية الآتية من دول متصحرة، وحيث ان رجال الدين لا يتحدثون إلا عن الجنس بشكل غير طبيعي، وبشكل منفر. وليس صحيحا على الإطلاق أن الليبرالية هي تنحية للدين، أو تجرد من الملبس، أو إنحلال اخلاقي.
      فالليبرالية تأتي من كلمة ليبرالي"liberal"، وهي مشتقة من كلمة"liber"، اللاتينية، والتي تعني حر، والمصطلح يشير إلى معاني مثل: التحرر، والديمقراطية، أو الأفراد الأحرار..إلخ. وإصطلاح الليبرالية نفسه "liberalism" يشير إلى توجه فكري أو سياسي أو إقتصادي يقوم على أساس الحرية، فالحرية إذن: هي القيمة الأسمى في هذه الإيديولوجية.، ومعني الحرية كما جاء في دائرة معارف القرن العشرين، أن الناس يولدون أحرارا ويجب أن يبقوا أحرارا فكل انسان حر في عمله واعتقاده الا فيما حدده القانون من الاعمال التي لايجب اقترافها.
      توقف الطهطاوى أمام كلمة (Libre) فترجمها "حر" واشتق منها "حرية."
وفى قاموس أكسفورد: ليبرالى تعنى متفتح الذهن، عقلانى، غير متعصب، منحاز للديمقراطية، يرفض المسلك البربرى. فيما يرى الدكتور مراد وهبة: أن الليبرالية تعني الحرية وهي أساس التقدم، وتعارض السلطة المطلقة سواء أكانت دنيوية أم دينية. ومن ثم، فإن الليبرالية تهدف إلى وضع قيود على سلطات الهيئة الحاكمة، وإحترام الحريات الفردية، والفكرية، وسيادة القانون. فالمجتمع الليبرالي الحر تكون السيادة فيه للقانون، الذي يحمي حرية وحقوق الأفراد، والأفراد في المجتمع يحترمون القانون ولا يخضعون لسلطة أي فرد من أفراد الهيئة أو السلطة الحاكمة.
      نخلص من ذلك، أن هناك ثلاث مبادئ رئيسة هي: سيادة القانون، الحرية الفردية، تقييد نفوذ السلطة الحاكمة. وهذا يعني تقييد فرصة أن تطغى الحكومة، أو أن تقمع حريات الأفراد، أو أن تفرض حكم ديكتاتوري فردي، أو أن تتعدى على حرية أو حقوق أي فرد، فالسيادة هنا ليست لها وإنما للقانون. وهذا القانون تم سنه وتشريعه من أجل حماية حقوق وحريات الأفراد. هذا، وتتعدد الإتجاهات الليبرالية كالليبرالية الإقتصادية، والليبرالية السياسية، والليبرالية الثقافية. لكن يبقى الأساس الرئيس الحاكم لكل هذه الاتجاهات هو الحرية. فأساس الإيديولجية الليبرالية هو الحرية، فهي شئ مقدس وحق طبيعي لكل إنسان وأي محاولة لسلب الإنسان حريته فهي غير مقبولة فكل إنسان حر مادام لا يتسبب في ضرر أو أذى الآخرين.
      والحرية بصفة عامة وحرية الاعتقاد بصفة خاصة، هي أساس رئيس نصت عليه الأديان، فـكل انسان حر في إختيار عقيدته وأفكاره ولا أحد يملك الحق في التحكم فيه، حيث ان حرية الإعتقاد ليست خاصة بالليبرالية وحدها. فالإسلامي أقر قاعدة كُبرى ونص عليها القرآن وشَدد على العمل بها. وهي أن الإنسان حر في اعتقاده وآراءه، يقول تعالى: "وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ". لكن، لَم تسلم الأديان من عبث أيادي البشر بها، ليس لاختلاف الرؤى حول تشريعاتها ومضامينها فحسب، بل العبث بأهدافها الجليلة وتحوير مقاصدها عن نهجها الصحيح. حيث ان سطوة الأديان، أو إن صح القول سطوة رجال الدين تطول الحرية الفردية وتكاد تطوقها، دون النظر إلى القاعدة الهامة والرئيسة: "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ". 



image


القس رفعت فكري
الليبرالية
القس رفعت فكري

      ليست الديمقراطية صندوق انتخابات فحسب، ولكن لها كما يقول الفيلسوف المصري الكبير الدكتور مراد وهبة، أربعة مكونات هي: العَلمانية والعقد الاجتماعي والتنوير والليبرالية، واستغرق تحقيقها أربعة قرون في أوروبا، ونتج عنها بزوغ الثورة العلمية والتكنولوجية في القرن العشرين، ومقالنا هنا عن "الليبرالية".
      نشأ مصطلح "الليبرالية" في القرن التاسع عشر والأب الروحي لها هو الفيلسوف الإنجليزي جون ستيوارت مل (١٨٠٦- ١٨٧٣)، وهى تعني أن سلطان الفرد فوق سلطان المجتمع، والحرية عند مل تكمن فى تحديد العلاقة بين الحكام والمحكومين، وفى تحديد العلاقة بين الفرد والمجتمع، عن العلاقة الأولى يكون المحكومون مهمومين بالدفاع عن أنفسهم وذلك بالحد من سلطة الحكام، وتسهم الأحزاب فى الحد من هذه السلطة، ولكن مع تواصل الصراع فى اتجاه أن يكون المحكومون هم الذين يختارون الحكام حتى يكون لهم الدور الفعال فى إحداث تطابق بين مصالح المحكومين ومصالح الأمة، بزغت ظاهرة جديدة من بين المحكومين وهى فئة من الشعب زعمت أنها الأغلبية وراحت تقهر الأقلية، الأمر الذى أدى بهذه الأغلبية إلى الطغيان، وأطلق عليها جون ستيوارت مِل «طغيان الأغلبية»، ومع الوقت تحول هذا الطغيان من المجال السياسى إلى المجال الاجتماعى، ومن ثم صك مصطلح «طغيان الرأى العام»، وهو يعنى الزعم بأن من حق المجتمع أن يطلب من جميع أعضائه الانصياع للرأى العام، ومِل لا يقبل طغيان الرأى العام إلا إذا كان مرهونًا بعدم وأد حرية الفكر وحرية التعبير، فإذا حدث ووأد الرأى العام هذه الحرية فمعنى ذلك أن ما يقوله الرأى العام هو حقيقة مطلقة، والمطلوب هو عدم الوقوع فى براثن الحقيقة المطلقة حتى نتجنب وأد الحرية. وتؤكد الليبرالية في تصوراتها السياسية لشكل الحكم والنظام السياسي على تداول السلطة، والتعددية، ودولة القانون ، واختلاف وتعدد رؤى، وتنوع التصورات؛ حول الشكل الأصلح للدولة، وتقدم المجتمع ،وتحقيق التنمية ،والطرق الأقرب لاستيعاب الاختلاف والتنوع الحزبي والتداول السلمي القانوني الدستوري للسلطة السياسية.
      والسجال حول الليبرالية في المجتمع المصري هو بالأساس سجال حول الديموقراطية في مقابل الاطروحات الفاشية. سجال حول أهمية الديمقراطية فى الاصلاح والتنمية والتحديث والحداثة فى مقابل مقولات الشعبوية السياسية ، ومقولات قاموس ومعاجم الفاشية والشمولية والديكتاتورية ( موسوليني، وفرانكو، وبينوشيه، وناصر، والقذافي، وصدام، حسين) حول"خطورة الديمقراطية "و"الديمقراطية الشر المستطير "و "التآمر الديمقراطي " "واسقاط وانهيار المجتمع عبر الديمقراطية " و" أنياب الديمقراطية " بل والتخويف من قيم الليبرالية الديمقراطية ( التعددية وتداول السلطة ) ووسيلتها (التصويت الحر ) لأنها عبر وسيلة الديمقراطية –التصويت والتحديث (،التي تحمي وتمنع وتحرم الطغيان والاستئثار بالسلطة ؛هو دولة المؤسسات والقانون حيث النصوص الدستورية الحاكمة لآليات السياسة والحكم والمجتمع والمؤسسات والافراد تنص نصاً واضحاً دستورياً سياسياً قانونياً - دستور 23 ،فرنسا ،المانيا ، ايطاليا – وعبر دولة المؤسسات والقانون ، والاصلاح الاجتماعي التنموي على التجريم القانوني والسياسي والحظر المجتمعي ، لأفكار ومقولات وأحزاب واشخاص التحريض على الكراهية والتمييز الديني- حزب النور -و برامج و جمعيات و مؤسسات ومنتديات الاقصاء والتمييز السياسي والتي تتضمن برامجها التمييز السياسي والديني والعرقي والقومي .
      كيف تغلبت ألمانيا -بالليبرالية والديمقراطية -على الافكار النازية بعد حصار وحرب وخراب اجتماعي سياسي ؟كيف تغلبت إيطاليا على الفاشية في المؤسسات والمجتمع والثقافة ؟! كيف تجاوزت اليابان الشمولية والعنصرية السياسية العرقية و"الكميكازي " ؟!كيف تغلب المجتمع السياسي بعد ثورة1919 وحزب الوفد على الملك المستبد وجماعة الاخوان الفاشيين وهزيمتهم فى مقارهم ؟! طهارته من رجس "الديمقراطية قيم الديمقراطية(التعددية ،تداول السلطة ،دولة القانون والمؤسسات ،حرية الصحافة والأعلام ،الشفافية ،حرية التعبير والتفكير والاعتقاد والرأي ، المحاسبة والمسؤلية القانونية ) فض وتوضيح الالتباس السياسي الذي يخوفنا من الديموقراطية والاستئثار بالسلطة (جمهوريات الخوف ) .الذي يخشى على المجتمع من الديمقراطية لأجل الأمن يفقد الاثنين معا كما حدث بعد يوليو وجمهوريات الموز
      الحريات الليبرالية هي الاقتصاد الحر وتكافؤ الفرص واالمجتمع المدنى الوطني المسؤل والتنمية المستدامة ومحاربة الفساد ومناهضة البيروقراطية السياسية والاقتصادية وتحرير قوانين الاستثمار والانفتاح السياسي والاقتصادي ؛ السياسي ، والامن والامان والسلم المجتمعي ؛ و الديمقراطية الليبرالية هي ظهيرك في مواجهة الإرهاب وتحقيق التنمية .الليبرالية هي الديمقراطية والشفافية فى القرار وهي اتاحة كافة الحريات الاقتصادية والسياسية



دكتورة سامية عبد الرحمن
نحن والليبرالية
دكتورة سامية عبد الرحمن

      هل يمكن أن يتبنى مجتمعنا نموذج الليبرالية الغربية ، أم ينبغي عليه أن يستكشف ليبرالية من داخله تؤمن بحرية الفردمع قدر من الضوابط الاجتماعية ؟ وما هي إيجابيات الليبرالية إذا ما تحققت في مجتمعنا العربي ، وما هي الآليات التي يمكن من خلالها تجسيد الفكر الليبرالي ونتائجه الإيجابية على مختلف المجالات الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ؟ قبل أن نجيب على هذه التساؤلات نوضح أولا أن الليبرالية مصطلح غربي ظهر في أوربا في أوائل القرن التاسع عشر، إلا أن جذور هذا الفكر يعود إلى عصر التنوير والثورة الفرنسية . وقد تعددت أوجه الليبرالية ومجالاتها بحيث بات من الصعب وضع تعريف محدد لها ، ولكن الحرية " هي القضية الرئيسة والمحورية في الليبرالية على اختلاف توجهاتها . هذا وقد أثارت قضية الحرية اهتمام الغالبية العظمى من الفلاسفة والمفكرين، واحتلت مكان الصدارة في فكر "لوك" ، "مونتسكيو" ، "روسو" ، "مل" ، رسل" ... وفي القرن العشرين اهتم بهذه المشكلة فلاسفة عديدون ، لعل أهمهم "هوبز" في كتابه : " الليبرالية أو مذهب الأحرار ١٩١١ ، وجون ديوي " في كتابه : " الفردية قديما وحديثا "١٩٩٠.
      ويعتبر "لوك" من أوائل من اهتموا بالليبرالية السياسية أو الكلاسيكية التي انطلقت من فكرة العقد الاجتماعي . أما "مل" فيعد من أبرز المفكرين الإنجليز دفاعا عن الفكر الليبرالي الحر ،من خلال كتابه : " on liberty , عالج فيه العلاقة بين الفرد والمجتمع ، والصلة بين الحرية والسلطة . أما رسل فدعا إلى التصالح بين الفردية والمواطنة ، أوبين الحرية والإبداع الفردي من ناحية ، وحدود تدحل الدولة من ناحية أخرى .
      إذن الفكر الليبرالي على اختلاف مجالاته وتوجهاته يجمعه الاهتمام بالحرية ، سواء المفهوم السلبي للحرية (الحرية الفردية أو التحررية ) ، والمفهوم الإيجابي للحرية ( ما أطلق عليه الشمولية totalitarianism ، أو الجماعاتية collectivism. ... وإلى مثل هذه الآراء التي تفرق بين الحرية بالمعنى الفردي أو الجمهوري يذهب كل من جون رولز ، ومايكل ساندل في إطار ربط الحرية بمفهوم العدالة. يرى رولز في كتابه " العدالة كإنصاف " أن العدالة هي البلسم الذي يشفي الحداثة الليبرالية من أمراضها ، ويبعث فيها روحا جديدة. أما ساندل فيؤكد أيضا على أن الليبرالية الاجتماعية هي من أكثر صور الليبرالية قدرة على معالجة قضية العدالة الاجتماعية .
      ويعد" ريتشارد رورتي" أحد أبرز الفلاسفة المعاصرين في أمريكا في القرن العشرين دفاعا عن الليبرالية ، ولكنه طور من هذا الفكر بما يتماشى مع متطلبات العصر فيما أسماه : الليبرالية الساخرة ironical liberalism ، بديلا عن الليبرالية الكلاسيكية . وتؤسس الليبرالية هنا على قيمتي الحرية والمساواة . وهدفها هو الإنسان ، والإيمان بالفردية القائمة على احترام حرية الفكر، ضمان الحقوق . ولتحقيق الليبرالية - فيما يقول رورتي - لابد من التحرر من فيود العقل والاعتماد على المخيلة والفن ، فهذه الثقافة علمانية مستنيرة ، بطلها الشاعر لا الفيلسوف ، ولا مكان فيها للدين أو أي قوى غير إنسانية . وبالتالي فالليبرالية مشروع قابل للتحسن بما تستوجبه متطلبات كل عصر .



image

نصوص إبداعية

الأستاذ حسن إسماعيل
الإنسان الإله .. والإنسان العبثي.
حسن إسماعيل

يحبو الإنسان ليصل بعد فترة من النمو والتطور ..
أن يتخيل أن كوكبه المُسطح الذي تدور حوله الكواكب والنجوم وتسبح بإسمه وحمد كوكبه المُسطح ..
فهو وكوكبه المُسطح جداً مركز الكون وهو أعظم من في الكوكب وبالتالي هو أعظم ما في الكون .. 
أصبح الإنسان في حالة من الزهو والكبرياء المراهق عندما تخيل نفسه أنه جالس على عرش الهرم الكوني كله ( وأنه المفتح في فصل العميان ) - ( وأنه أطول كائن في صفحة القصيرين ) فجعل نفسه إلهاً أو نصف إله حسب تواضع سيادته الألوهية وجعل للحياة معنى وللخلود معنى وصنع نار لمن لا يخضع لسيادته وجنة مليئة بالخيرات لأهل الثقة .
فهو مانح الحوافز والعطايا لعابديه وهو المانع على أعدائه

ومرت الأيام والسنون وجبال تشلنا وجبال تحطنا وانتهت عصور الظلام والمراهقة البشرية المتكبرة .. وقلب جاليلو مائدة الخمر البشري وكسر كأس نشوته النرجسية ..
وقال له المفاجأة .... كوكبك مش مُسطح ومحدش بيدور حواليك ولا بيتأمل في جمال طلعتك البهية ولا حد بيسبح بإسمك ليل نهار .. يا عم الإنسان الأمور

ومع تقدم العلم واكتشاف القليل جداً من حقيقة الكون والكم الهائل من المجرات والنجوم والكواكب .. اكتشف الإنسان أن كل لحظة يرجع إلى الوراء بعد أن كان ليس فقط في الصف الأول من الكون .. بل هو أول الصف ( الألفة )
صفعه العلم صفعات متتالية على وجه المتكبر والمتخم بإحمرار الخمر البشري .. وكان صوت التحذير الديني .. احذر .. الإنسان يرجع الى الخلف .. الإنسان يرجع الى الخلف .. الإنسان يرجع الى الخلف
إلى درجة أصبح في طابور الكون رملة من رمال المحيط .. طوله أقصر من عـُقلة الأصبع

طوفان العلم والإكتشافات جرفت كل قصور الرمال الحالمة المشيدة على شواطئ التخيلات البشرية .. فكان رد فعل الإنسان طالما خسر مركزية الكوكب والكون أن يجعل العالم بلا معنى بلا أهداف نبيلة بلا محاولة من جعله مكان أفضل ..
بل قال لتكن فوضى .. فكانت فوضى
ليكن عبث .. فكان عبث
لتكن تخمة .. فكانت تخمة
طالما لا إنسان على العرش .. فلا إله في السماء
وجلس يغني ( زي قلبي ما ضاع .. تضيع كل القلوب بعده )
فالمعنى كان موجود عندما كان هو مركز الأرض وكانت الأرض مُسطحة وكل الكون يدور حولها دوران مربع أو مستطيل متحيز !!!

وجاء العبث عندما اكتشف أنه صغير جداً في كون فسيح جداً
العجب العُجاب .. أن التاريخ البشري في وقت أسطوريته أو في وقت علمه .. احتفظ بكبريائه المزري
ماتت أسئلة في الطريق وسقطت إجابات وتبخرت حقائق كان يظن أنها معصومة .. ولكن احتفظ بكبريائه
احتفظ ببوصلة ضلاله
امتحن كل شيء حوله ولم يمتحن قلبه
سخر من الكل ما عدا نفسه
أخذ مسافة للرؤية الصحيحة مع كل الكون .. واتحد إلى درجة النرجسية مع مرآته
ففقد تواضعه وخسر نفسه وربح العالم

ولم يكتشف أن المعنى موجود أكثر في الإتساع ..
والعمق تكتشفه عندما تعرف مكانك الحقيقي في الصورة الكـُلية ..
حتى لو كان مكان صغير جداً وفي الصف الأخير بعيداً عن ضوضاء الصف الأول
وكيف يحتجب الأب البشري السوي على مسرح حياة ابنه لكي يتطور في حرية دون قهر الأبوة وسـُلطة الأبوة ووصاية الأبوة وقدرات الأبوة على إلغاء الإبن وجعله مسخاً وصفراً ..

فالإحتجاب وحرية الإكتشاف وحرية الاختيار أن تقترب أو تبتعد بإرادة حُرة هو من يعطي الحب والإيمان والصداقة والأبوة والأمومة ..
أبعاد عميقة ومتميزة تحمل من النضال الروحي والإنساني ما يفرق نجم عن نجم .. بين الحكيمات والجاهلات .. بين المتواضعين والمتكبرين .

من يعرف أن أسئلته أكثر حكمة من إجاباته
وأن أثقال تخيل الصواب والعصمة سقطت رويداً رويداً في الطريق وهي من أسباب عدم غرق مركبته إلى الآن ..
وأن التواضع يحمل من البحث والشك والمغامرة أكثر بكثير ما يحمله الكبرياء المليء بالتسمر والطمأنينة الزائفة والإبتسامة البلهاء ..
وأن اكتشاف أن العالم أعمق منا بكثير يجعلنا أكثر سعادة لأننا أمامنا الكثير لنكتشف لنسبح في نهر السباحة الذي لم يعبر إلى الآن .. نبحث فنعرف نقرع فيفتح لنا نسأل فنلمس هدب ثوب الإجابات العميقة

لا يوجد أجمل من كون عظيم وإنسان بسيط ولكنه يعي ويفكر ويرسم ويغني وينحت ويكتشف ويخترع وينقد ويعترف
بلا وصاية وبلا قهر قدرة لا محدودة وبلا طوفان غيبي .. فالحب احتجاب وحرية احتجاب وحرية .. احتجاب وحرية
فسر الحُب يكمن في الإحتجاب والحرية



image


الشاعر خاد النشوقاتي
الهبوط علي القمر من فوق السطوح
الشاعر خالد النشوقاتي

      فوق جبال الرمل

غابت عبلتك

يا عنتره

والشعر شاب

وبسيف يزيد

اسس معاويه دولته

والاشعري

بلبل هدومه م العرق

واللي فرق

واقف ما بين الناس

وعاليه كلمته

دخل علينا

وبكوره دخلت جبته

سمع البشاره ضحك لها

وبمكره داس علي ارضها

يوم غزوها

لحظة خروج النور

والخير

والجمال

ويا الخيال

مردوم مع شوية حصه

فاتخض من حجم البنا

خضة بداوه

معتمه

كل احتمالها

غزوها

حاربت عشان فرسه

بير ميه

وحبة زرع

صوابعها

ما زرعتهاش

لفوا الصحاري وروها

بدم انهار

وعشقوا الليل

وكانت ليله في حسابهم

بألف نهار

يجير الجار

ولو طوّل

يطفي النار

فلو كان الكرم طبعك

ما تكتبشي

ولو حتي الشجاعه اصل

ما تخونشي

تقوم وتسد ابوابك

عن الفتنه

ما تدخلشي

فزقيت البيبان ودخلت

وانا قاعد علي سطوحنا

وسرحان في النجوم

والليل

واحوالي

جد الجد كان بنا

وكان ليه سيف

ومطرقه

وازميل

وفاس

وحاجه

شبه المسطرين في اديه

بني لنا البيت

وشبك بالخشب تشابيك

وطلعت روحه في المعبد

علي اخر نفس طالع

بني كنيسه

وابويا

كمل الجامع

عشان جدي قبض عربون

وعيب لو ابويا ما يكملش

في عيد حصاده بيغني

ادان طالع من المدنه

بيسحر ودن احفادنا

واولادنا

سماهم

بدرها مسروق

بأحلام

فجرها مخنوق

تخش الحاره وما تخرجش

تغيب مع عشق مملوكي

في تختروان

ويعجبها جمال فارس

علي الرهوان

وتنساني علي سطوحنا

مع الكراكيب

فيعجبني كلام امي

مع صحابها

وعالم

ينسجوه اسرار
يا بت اتهزي قدامه

لا عينه تزوغ

وجوزك مكسبه كويس

يحشش

حضري له الفحم

و حابي عليه

فياخد عمري بالراحه

سنين ماشيه

وانا ماشي

اوطي لها

تحاربني

اشيل سيفي

اشوف ضحكه

احاول اني ما افهمهاش

وانادي بروحي عالتواريخ

تعالي لملمي توبك

وغطيني

انا مجروح

انا تايه

في بحر غويط

ملوكي ولا مملوكي

خليفه

بعشق عشقوكي

لقمرايه

ومركون

عالسطوح

من قبل امس

بأمس

فاضلي يومين

وتوصل مركبي بالريح

لركن فسيح

هبوط بدري

ومتأخر

لان الشمس بتشخر

ونسيتنا

سكن بيتنا

برود التلج

فاتجمدنا وخمدنا

وصار الذل يوم عيدنا

تعالي نجيبها م الاول

وشوف السطر بعد السطر

رايح فين

وانا قاعد

وحا اتسلطح علي سطوحنا

واخد لي حتي تعسيله

لحد الشمس ما تفتح

فأرجوك

ارجوك

ما تصحنيش




أ.د./ حسن حماد
لماذا فشلت الليبرالية في مصر ؟
أ.د./ حسن حماد

      رغم الغموض الذي يحيط بمصطلح Liberalism الليبرالية، والتي تعني التحررية، إلا أن الليبرالية تقوم على ثلاثة مبادئ هي الحرية، الفردية والعلمانية. وهناك ارتباط جدلي بين الحرية والفردية والعلمانية، ويمكن لنا أن نرد الفردية والعلمانية إلى الحرية، فالحرية هي جوهر أي نزعة ليبرالية، والحرية وفق هذا السياق تتضمن عدة مستويات، الحرية الاقتصادية، الحرية السياسية، حرية الاعتقاد، حرية التعبير عن الرأي، حرية الفعل أو الحرية بمعناها الفردي.
      والحرية الاقتصادية أو حرية السوق هي الحرية بمعناها الرأسمالي، ولذلك هناك ارتباط ضروري بين الليبرالية والرأسمالية، فكل ليبرالية رأسمالية ومع ذلك فليس كل رأسمالية ليبرالية، لماذا لأن الليبرالية كنظرية سياسية أوسع من الرأسمالية. وعند هذه النقطة نصل إلى أزمة الليبرالية في مصر وفي معظم البلدان العربية، إن ما نسميه بالليبرالية العربية هو ليبرالية مبتسرة وغير ناضجة، لأنها ببساطة تساوي وتوحد بين الليبرالية والرأسمالية، فنحن – للأسف – نأخذ من الليبرالية أسوء ما فيها وهو الحرية الاقتصادية أما بقية المبادئ والأسس التي تقوم عليها الليبرالية فغائبة أو على الأقل مهمشة، فالأحزاب المصرية التي تدعي أنها ليبرالية لا تستطيع أن تقر بمبدأ حرية الاعتقاد، وحرية الانتقال من ديانة إلى أخرى، والأحزاب الليبرالية ذات النسخة العربية لا تحترم الحرية الفردية، ولا ترحب بالفردانية، لأن الفرد غير موجود أساساً في ثقافة تجعل من الإجماع قاعدة شرعية وفقهية، وتضحي بالفرد على مذبح الجماعة !. الأحزاب الليبرالية العربية لا تعترف بالعلمانية وتعتبرها كفراً وإلحاداً !
      لكل هذه الأسباب فشلت الليبرالية في مصر وفي معظم الدول العربية وأصبح لدينا أحزاباً تدعى كذباً أنها ليبرالية، وهي في حقيقتها قومية – دينية أو رأسمالية متخلفة لأنها لا تفهم من الليبرالية سوى وجهها الاقتصادي الساذج الذي يقوم على مبدأ: "دعه يعيش دعه يمر".
      إن الرأسمالية المصرية التي تورطت في التحالف مع الأصوليات الدينية منذ عهد السادات وحتى الآن لا تستطيع أن تؤسس ليبرالية حقيقية دون التحرر السياسي، والذي يعني التخلي عن مبدأ الغلبة الذي يُشكل فهمنا القاصر للديموقراطية، والأخذ بمبدأ التعددية واحترام حقوق الأقلية، والنظر إلى حرية الإنسان الفردي على أنها حرية مقدسة لا يجب المساس بها أو انتهاكها أو الاعتداء عليها.



image


image


د مرفت العماري
الليبرالية والمرأة
د مرفت العماري

      الليبرالية هي حرية الفرد في التحقق ،وهى نسف فكري مفتوح، يسمح بالحراك الاقتصادي ، وبالتالي الاجتماعي، فهي تسمح بوجود انساني متطور يساعد في بناء علاقات ذات نفع للجنسين من حيث تحديد للأدوار للرجل والمرأة، فالحرية والمجتمع الحر هما الضمانة الحقيقية لظهور القوة الحقيقية لأي مجتمع، وخاصة السيدات، فالمرأة الحرة المسؤولة المعتمدة على نفسها وعلى وعيها الحقيقى، هي مفتاح تقدم الدول الحق، فالإبداع والوعي هما مفتاح الحضارة، وعندما تتاح للمرأة حرية حقيقيةً اي فتح مجال للركب الحضاري، والترقي في المناصب، بعد تعليم جيد ، فتصبح المرأة مسؤولة عن تقدم المجتمع، حيث انها هي التي تربي وتصنع الأجيال، فكيف لشخص غير حر وبالتالي غير مسؤول يصنع اولاداً أحرارا؟ فالحر يحرر ويسعد بحرية من حوله، ويدفع في طريق الوعي كل من يرعاه، وكذلك لابد من وجود تعليم يحتوى منهجه على ما يساعد وينشأ اجيال على احترام الشراكة بين الجنسيبن، وكذلك الدراما وما بها من محتوى يؤثر في فهم النشء لمعنى أهمية دور المراة واحترام دورها الحقيقي، فصورة المرأة فى الدراما لابد ان تكون لها فاعلية في تعميق قيمة الشريكة، وليس فقط التركيز على الجانب الغرائزً وفقط، فالمرأة تنير الحياة في طريق الرجل، وبالتالي في طريق المجتمع، ولكي تنير بقوة لابد لها من طاقة دائمة من احترام وتقدير ووعي بقيمة دورها الحر الواعي المسؤول .



ا.د/عماد عبد الرازقي
الليبرالية الجذور والمنطلقات
ا.د/عماد عبد الرازق

      لعلنا في البداية نشير إلى المفهوم اللغوي لمصطلح الليبرالية والذي تم اشتقاقه من المصطلح الأجنبي(Liberalism) والتي تعني التحررية ويعود اشتقاقها إلى(Liberty) التي تعني الحرية. أما المعني الاصطلاحي لهذا المصطلح فهو مذهب فكري وفلسفي يرتكز على الحرية الفردية . وإذا استعرضنا أهم التعريفات لهذا المصطلح نجد أنها تتمحور حول أنه مصطلح غامض ، لأن معناه يتبدل بصورة ملحوظة بمرور الزمن. على سبيل المثال ترى الموسوعة البريطانية أنه نادرًا ما توجد حركة ليبرالية لم يصبها الغموض بل أن بعضها تنهار بسبب هذا الغموض. وفي هذا السياق يشير الفيلسوف الانجليزي (برتراند رسل) إلى أنه عندما يذكر اسم الليبرالية فهي تسمية أقرب إلى الغموض يستطيع المرء أن يدرك في ثناياها عددًا من السمات المميزة. وعلى كل حال نستطيع أن نخلص إلى تعريف بسيط لليبرالية بأنها فلسفة سياسية تقوم على أفكار تدعو إلى الحرية والمساواة ،فمثلا الليبرالية الكلاسيكية تدعو إلى الحرية ،بينما الليبرالية الاجتماعية تدعو إلى المساواة. وبوجه عام يتبنى الليبراليون جملة من الأفكار تدعو إلى حرية التعبير والحفاظ على الحقوق المدنية ،بالإضافة إلى المساواة بين الجنسين. ولعلنا في هذا السياق نشير إلى نشأة الليبرالية كحركة سياسية في عصر التنوير أو تحديدًا أثناء عصر التنوير حيث حظيت بشعبية كبيرة بين الفلاسفة والاقتصاديين في العالم الغربي. وينسب الفضل في تأسيس الليبرالية إلى الفيلسوف الانجليزي (جون لوك) الذي نادي بحق الإنسان الطبيعي في الحياة والحرية والملكية. وإذا أشرنا إلى علاقة الليبرالية بالدين فأنها لا تكترث لسلوك الفرد ،فهو مازال محدودا في دائرته الخاصة ،فهي تسمح له باعتناق ما يراه مناسبا من أفكار دينية ولا تتدخل إلا إذا أصبحت ممارساته الدينية مؤذية للمجتمع. أما عن علاقة الليبرالية بالاقتصاد فأننا نرى تلك العلاقة تقوم على الاقتصاد الحر والذي يقصد به عدم تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية ،وللفرد الحرية المطلقة في اختيار نوع التجارة . ولعل من السمات المميزة لليبرالية هو عدم وجود مرجعية مقدسة وهي بذلك عكس الراديكالية فكل ليبرالي هو المرجع الأساسي لليبراليته.



أحمد فوزي سالم
الليبرالية التي يخافون منها !
 أحمد فوزي سالم

      لا أعرف على وجه الدقة، لماذا يخاف الناس في بلادنا من الليبرالية ؟ ما الذي يضيرهم حقيقة من نظام يكفل لهم كل الحقوق، ويطلب منهم في المقابل التزامات موازية، فالليبرالية ببساطة هي فلسفة الحقوق والالتزامات. الليبرالية تلزم الدول بتوفير العدالة بشكل محايد، وفي المقابل تلزم المواطنين أنفسهم، بتحمل مسؤوليات المواطنة، عندما توفر لهم مشاركة سياسية بأعلى ضمانات النزاهة، وتحصن لهم الحق في التعليم، وتوفر جميع متطلبات النهوض بالمواطن، وهنا يطرح السؤال نفسه: ماذا سيجني الوطن من خلف هذه الجهود الاستثنائية، إذا لم يعترف مواطنو الدولة بالتزامات بعضهم تجاه البعض، بما في ذلك الالتزام بدفع الضرائب، لضمان حصول كل شخص على فرصة للنجاح في الحياة !
      تحدي الليبرالية الأساسي، لا يقتصر فقط على النهوض بالحقوق، ولكن في خلق ثقافة المواطنة، التي تدعم إعمال تلك الحقوق في الممارسة العملية، وهنا سيخرج البعض ويتوقف عند هذا السطر، ليذكرك أنها ليست ملتزمة بالقضاء على جميع التفاوتات الاقتصادية، ويكون الرد نعم، لا يوجد خلاف بين الليبراليين، أن الذين يعملون بجد أكبر، ويطورون مواهبهم بدرجة أعلى، يجب أن يحصلوا على عائد يناسب جهودهم، ومع ذلك توفر الليبرالية مستوى آخر من العدالة الاجتماعية تعنونه بـ«تكافؤ الفرص» لجميع أبناء الوطن، وتمكن كل فرد فيه من صنع حياته وتحمل مسئوليتها، وتجعله يدرك عن قناعة، أن النتائج لن تكون متساوية، وفقا للخيارات التي يتخذها ووفقًا لقناعاته الخاصة .
      أما الحرية التي تقدسها الليبرالية، وتشكل هاجسًا ليس فقط لأعداء الفكرة، بل حتى لبعض المنتمين حديثًا لها، أو الذين ينسبون أنفسهم إليها، وهم يحملون نفس بذور أفكار الإسلام السياسي تجاهها، فهي لا تتضمن أي حقًوق في إيذاء الآخرين، وبموجب انحيازها للحريات، تتشدد في تحصين الحماية الدستورية لحرية التعبير والحريات المدنية الأخرى، ليس للأفراد وحدهم، بل تحمي استقلالية الفكر، والفنون، والعلوم، والصحافة، والإعلام.
      الليبرالية فكرة عظيمة، قبل أن تحكم عليهم بالبهتان، وتحاول حشرها في معالجات جنسية سطحية، أقرأ عنها، وقبل أن تقرأ، إبحث عن تاريخ الكاتب، واعرف اتجاهه الفكري والسياسي، فمعظم ما كتب عنها في المنطقة، لا يمثلها ولا تمثله !

كاتب وكتاب

د سمير فاضل
الكتاب :- خطاب إلي العقل العربي -الكاتب :- الاستاذ الدكتور / فؤاد زكريا .
د سمير فاضل


      قام الدكتور محمد الرميحي بكتابة التقديم في هذا الكتاب والذي جاء تحت عنوان " القلق الثقافي " حيث أشار إلى واقع حياتنا الثقافية في المنطقة العربية بعد الحرب العالمية الثانية ، والتي اتسمت كما يري الرميحي بالاحكام الايديولوجية والتي أدت إلى تلون كتابه هذا أو ذاك دون تثبيت أو تعمق أو دراسة ، ثم غياب حركة نقدية ناضجة علمية ، تدرس النتاج الثقافي وتمحصه ، وتؤصل ما هو حقيقي وتعمقه ، وتقترب من ثقافة المثقف العادي حتي يكتمل الحوار ويصل إلي أهدافه ، وهو قيادة المجتمع إلي الأفضل . ويقول إن هذا الحوار النقدي قد اختفي وتلاشي منذ زمن ، وانقسمنا على أنفسنا قابلين " الابيض " ورافضين " الأسود " مع اختلاف معاييرنا عن الابيض والأسود . ويؤكد الرميحي على عدم تناول المنطقة العربية بشكل عام ومصر بشكل خاص لكتابات فؤاد زكريا بالعمق الذي تستحقه كمثال على فشل حركة النقد العربي في توضيح الصورة وأجلائها ، ومقارعة الحجة بالحجة ، وتأصيل الحوار. ويشير الرميحي في نهاية تقديمه لهذا الكتاب إلى أن الثقافة عند فؤاد زكريا هي الاستمرار في الفهم ، وأن المثقف ليس هو " الايديولوجي " الذي يقيس مظاهر الثقافة وتوجهاتها بمسطرة باردة من المعايير " الايديولوجية "، وإنما المثقف هو رجل الاختيار ورسم البدائل لشعبه وأمته
يختار الكاتب الدكتور فؤاد زكريا في هذا الكتاب بكل وعي أشكال الثقافة التي يدعو إليها ، فهو ضد " ثقافة الجريمة والجنس "، والثقافة المشوهة للقيم الانسانية ، وضد ثقافة التبعية والمحاكاة الممسوخة ، وهو مع الثقافة الراقية والعلمية مهما كان مصدرها ، فهو يختار بوضوح لا يعرف اللبس أي نوع من الثقافة يدعو إليه .وعندما يتحدث الكاتب عن الاصالة والمعاصرة في ثقافتنا العربية ، فإنه ينقد المفهوم السائد ، ويطرح مفهوماً بديلاً هو " الاتباع والابداع " فيضع قواعد جديدة لمنطلقات الحوار والنقاش ، فالقضية بالنسبة له ليست أصالة ومعاصرة ، حيث يلعب الزمن عنصر الترجيح ، لكنها الاتباع والإبداع ، حيث تلعب " المصلحة " عنصر الترجيح " .
ويؤكد فواد زكريا في كتابه هذا علي أن مصالح الأمم لا يختلف عليها كثيرون ، فالأمة يجب أن تكون قوية أمام أعدائها بالعلم ، كما أن أمن الأمة يعزز بالعدل بين أبنائها ، وبالتوزيع الأفضل للثروة والعدالة الاجتماعية ، وهذه أهداف يحتاج تحقيقها إلي إبدعات تواكب الزمن .يقول فؤاد زكريا أن المثل الاعلي للثقافة في أي مجتمع هو إزالة الحد الفاصل بين الثقافة الرفيعة والثقافة الشعبية أو تخفيفه، ويفترض في المثقف أن يكون قادراً علي التمييز بين الانتاج الرفيع والانتاج الهابط ، ولا يكون مثقفاً بالمعني الصحيح إلا إذا اقتصر ذوقه علي النوع الأول فحسب .

اﺗﺼﻞ ﺑﻨﺎ

رأيك يهمنا

"Show Menu"