corner

العدد السابع الديمقراطية

هذه المجلة تعبر عن قضايا وهموم الإنسان بغض النظر عن إنتمائه الفكري أو العقائدي، ولذلك فإنها لا تنتمي إلي فصيل سياسي أو ديني أو طائفي، وإنما تنتمي للإنسان من حيث هو كذلك. إنها تخاطب العقل بالأساس، تخاطب الإنسان وفكره ووعيه، فنحن مع كل ما ينمي ويطور عقل ووعي، حرية وشرف، سعادة ووجدان الإنسان.

في هذا العدد

د. عبد الله شلبى: إفتتاحية العدد

د. سامية عبد الرحمن: دعائم الديمقراطية.. رؤية فلسفية

ا.د/عماد عبد الرازق:الديمقراطية أيقونة المفاهيم السياسية.

الأستاذ الدكتور / جهاد عودة:الشعبوية تهديد للديمقراطية.

د. عبد الله شلبى:لماذا الاهتمام بالديمقراطية؟

د. نبيلة تاجرالمعنى المشوه للديمقراطية

المهندسة . منى توفيق:الديمقراطية و الوعى

الأستاذة / ابتهال عبد الوهاب: المرأة والديمقراطية.

د. خيري فرجاني: الأصوليات الدينية وديمقراطية الاجتثاث.

د. مرفت العماري: هل الديمقراطية هي فقط حكم الأغلبية؟

ماريا: لوحات فنية

إفتتاحية العدد

د. عبد الله شلبى:
كل الديمقراطية للشعب...كل التفاني للوطن.
دكتور عبدالله شلبي.

      تكاد تجمع التقارير على ضعف بل وتواضع المشاركة الاجتماعية والسياسية للمصريين في عمومهم والقطاعات الشعبية الواسعة منهم خاصة لدى الشباب والنساء، اذ تسجل عزوفهم عن التفاعل مع قضايا ومشكلات مجتمعهم، وايثارهم لموقف الفرجة بما يفرضه عليهم من عجز وصمت . واتصور بداية، وفى ضوء رصد وقراءات اولية لواقع المشاركة الاجتماعية والسياسية للمصريين، أن حالة العزوف عن المشاركة يمكن ردها الى مجموعة من المتغيرات والعوامل التي تتفاعل معاً لتخلق وتكون هذه الكتل الخاملة من الجماهي التي تؤثر البقاء في مقاعد المتفرجين تجاه ما يحدث على ارض وطنهم، وما يحدث في شئون حياتهم . وأهم هذه العوامل او المتغيرات العوامل التاريخية البنائية التي شكلت ورسخت ما يمكن ان نسميه بثقافة الرضا بالمقسوم والاستكانة والخضوع والطاعة والصبر على المكروه والاستسلام للمشيئة أياً كان مصدرها. انها ثقافة الصمت والفرجة والطاعة والامتثال التي سلبت المصريين قدرتهم على الابداع والفعل الخلاق، والمبادرة، أو عطلت هذه القدرات حال وجودها واستنفارها من اجل تجديد حياتهم وسعادتهم .
      إن اصل الداء في الثقافة المصرية السائدة هو قيامها، في جانب منها، على فكرة الاستبداد والتسلط، استبداد وتسلط القوي بالضعيف والذكر بالأنثى، والكبير بالصغير، والحاكم بالمحكومين، والسلطة بالناس، في سياق من علاقات القهر والتسلط والطغيان والاحتكار في مقابل الخنوع والخضوع والاستسلام الذي حول الكثير من القطاعات الشعبية الواسعة من المصريين إلى كتل خاملة وخامدة تبدو وكأنها قد جبلت على الاستبعاد من أية مبادرات للنهوض بمسئولياتها تجاه صنع حياتهم وتجديدها. وهذه الوضعية تطرح ضرورة إحداث تغيير جذري في التراث الثقافي المصري، وفي المخزون المعرفي المتراكم في الشعور الجمعي لدى جموع المصريين والذي تم استدخاله خلال عمليات التنشئة والتطبيع الاجتماعي التي تعرضوا لها منذ ولادتهم وعلى امتداد حياتهم، وهو التراث الذي في اطاره يفهمون ويفسرون خبراتهم المعاصرة وسلوكهم وتصرفاتهم الآنية والمستقبلية، ويتحدد في ضوءه رؤيتهم للعالم المحيط بهم ولدورهم في هذا العالم، ولكل ما يحملونه من قيم عن الحرية والعدل، والخير والشر، والحلال والحرام، والصواب والخطأ.
      وفى هذا السياق تطرح مسألة بناء الديمقراطية ونشرها وترسيخها في المجتمع المصري كثقافة مجتمعية بديلة لثقافة الاستبداد والتسلط والقهر والخنوع والخضوع والاستسلام .. عملية بناء الديمقراطية وترسيخها في كل مجالات الحياة المجتمعية بالنظر إليها كثقافة مجتمعية تنتشر وتسود يستخدمها الاب مع أسرته والأم مع أبنائها، والرجل مع المرأة، وفى قطاعات الأعمال، وفي المؤسسات التعليمية على تنوعها ومراحلها كافة في المدارس والجامعات، وفي مؤسسات وتنظيمات المجتمع المدني كافة. وهذا الجانب الثقافي هو الأساس والقاعدة التي يقوم عليها وينطلق منها الجانب الاجرائي والعملي من بناء الديمقراطية .
      وفي تقديري، أن الوجه الثقافي للديمقراطية يتضمن ثلاثة ابعاد مُهمة هي : أولها البعد المعرفي الخاص بتكوين وعي الناس وانضاج هذا الوعي بمفهوم الديمقراطية بكل مشتملاتها من كفالة حرية الفكر والاعتقاد والتعبير والتنظيم والمساواة القانونية بين كل أعضاء المجتمع فجميعهم أمام القانون سواء، وسيادة القانون واحترامه، واحترام وكفالة حقوق الانسان التي اقرتها المواثيق الدولية وقبلتها الدولة المصرية كألزام واجب، وحرية تكوين احزاب سياسية في اطار تعددي حقيقي، والانتخابات الدورية الحرة والنزيهة كأساس للمشاركة الشعبية واستقلال القضاة، والتداول السلمي الحقيقي للسلطة في سياقات قوامها الحرية والعدل وتكافؤ الفرص. والبعد الثاني هو الجانب الوجداني المتعلق بالقيم والاتجاهات الموجهة والضابطة والمرتبطة بالديمقراطية . كالعقلانية، والعلمانية، والعلمية، والتسامح، والنسبية، والتعدد والتنوع، وقبول حق الاختلاف والتعايش معه، والحرية، والعدل، والمواطنة الكاملة، والحوار، والسلام، ونبذ العنف والتطرف .وهى القيم والاتجاهات التي يتعين أن تصبح طابعاً مميزاً للفكر وللأفعال السلوكية، وعلى اساس المطابقة بين الفكر والعمل . أما البعد الثالث فهو المتعلق بالجانب السلوكي وهو الجانب المرئي للديمقراطية والذى يتم تنميته من خلال التفاعلات المجتمعية والاجتماعية الجارية في المجتمع وعلى كل المستويات. وهذه الابعاد الثلاثة تؤكد اننا بصدد قواعد وقيم وسلوكيات يمكن تعلمها وتمثلها في كل مؤسسات التنشئة الاجتماعية في الاسرة والمدرسة والجامعة، ووسائل الاعلام، والأندية، والمؤسسات الدينية، ومؤسسات العمل، وفي كل التنظيمات والاتحادات الاجتماعية والسياسية القائمة في المجتمع. وانه بتعلم هذه القواعد والقيم السلوكية وبتمثلها وتفعيلها في كل مستويات وجودنا الفردية والاجتماعية سنكون مهيئين للمطالبة بالديمقراطية وممارستها في المجال السياسي وعلى مستوى الدولة واجهزة الحكم .
      واذا كان هذا هو الهدف الاستراتيجي العام لنشر ثقافة الديمقراطية والذى يتحدد بضرورة إحداث تغيير جذري واسع النطاق في الثقافة السائدة والمزاج العام السائد لدى عموم المصريين لأجل انجاز اصلاح ديمقراطي حقيقي فان هذا الهدف الاستراتيجي يمكن تجسيده في مجموعة من الاهداف الاجرائية تتحدد في في تقديري على النحو التالي:
      1. زيادة وانضاج وعى القطاعات الشعبية المصرية وخاصة الشباب والنساء بمفاهيم الديمقراطية وحقوق الانسان من خلال نشر المعارف المتصلة بالمفاهيم والمبادئ الديمقراطية .
      2. تعبئة الفئات المستهدفة وتحفيزهم على المشاركة والنهوض بمسئولياتهم تجاه صنع حياتهم وتجددها من خلال تشجيعهم وتدربيهم وحفزهم على المشاركة في حوار مفتوح عن الديمقراطية والحرية ليكونوا في النهاية مواطنين على درجة من الوعي والتنظيم يؤهلهم للتفاعل وتحمل مسئوليه واجباتهم المدنية كمواطنين احرار .
      3. نشر التسامح الديني والاحترام المتبادل لأصحاب العقائد المختلفة وقبول الحق في الاختلاف والتعايش معه وتشجيع ثقافة الحوار ونبذ التعصب والتطرف .
      4. الوعى بحقوق الانسان ودعمها واحترامها والدفاع عنها .
وقد جاء عدد سبتمبر لعام 2019 تعبيراً عن اهتمام مجلة الانسان بقضية الديمقراطية وحيويتها في مسيرة المصريين الخالدة لبناء دولتهم الحديثة؛ حيث قدمت الدكتورة سامية عبد الرحمن في مقالها " دعائم الديمقراطية ..رؤية فلسفية" مناقشة للأسس والمقومات الواجبة لتحقق الديمقراطية، ويكتب الدكتور عماد عبد الرازق عن " الديمقراطية أيقونة المفاهيم السياسية"، ويحذرنا الدكتور جهاد عودة في مقالته من " الشعبوية تهديد للديمقراطية"، ويتساءل دكتور عبد الله شلبي في مقاله عن" لماذا الاهتمام بالديمقراطية" وتناقش دكتورة نبيلة تاجر في مقالها" المعنى المشوه للديمقراطية" وتنتقد المهندسة منى توفيق في مقالها " الديمقراطية والوعي"، ويتناول الدكتور خيري فرجاني في مقاله " الأصوليات الدينية وديمقراطية الاجتثاث"، وتتساءل الدكتورة مرفت العماري في مقالها:" هل الديمقراطية هي فقط حكم الأغلبية؟" وتقدم لنا الأستاذة ابتهال عبد الوهاب رؤية فلسفية حول " المرأة والديمقراطية".
      وفي الختام؛ فأن هيئة تحرير مجلة الانسان تسعد بتواصلكم معها وتأمل في مشاركتكم في تحرير الاعداد التالية وترحب بكل ما تتقدمون به من نقد وملاحظات لتطوير مجلتكم ..مجلة الأنسان تقبلوا تحياتي وتقديري واحترامي لكم.. نحن نحبكم جميعاً بكل ألوان طيفكم الفكري والاجتماعي والسياسي والديني.
مدير التحرير.
دكتور / عبدالله شلبي.



دكتورة سامية عبد الرحمن
دعائم الديمقراطية.. رؤية فلسفية
دكتورة سامية عبد الرحمن

ما هي الأسس أو المقومات الواجب توافرها كي تتحقق الديمقراطية ?
     قبل أن نجيب على هذا التساؤل نود أن نوضح أن الديمقراطية تجربة إنسانية يفرضها العقل البشري وتحتمها الأخلاق كي تحافظ على قيمة الإنسان وكرامته .لذلك لا ينبغي أن يقال أن الديمقراطية تجربة غربية أو يونانية بل هي تجربة الإنسان بما هو إنسان ... كانت ولا تزال تتشكل طوال التجارب الكثيرة، ولهذا فهي تخضع للنقد والفحص والمراجعة والتصحيح .. وهذا كله من صميم الديمقراطية نفسها، أما عن المبادئ التي تقوم عليها الديمقراطية فهي : الحرية والمساواة والعدالة .. وتتشكل وفق طبيعة المجتمعات وثقافتها وتراثها
      ويعد كل من "جون لوك" ، و"جون ستيوارت مل " من أبرز من دافعوا عن الحرية وحقوق الإنسان واحترامه.. فقد نادى "لوك" بالثورة على الطغيان ورفض الحكم الملكي المطلق ، أما "جون ستيوارت مل" فقد دافع عن الحرية بقوله : إذا انعقد إجماع البشر على رأي، وخالفه في هذا الرأي فرد واحد ما كان من حق البشرية اخماد هذا الرأي .أما "جان جاك روسو" فكان أول من تحدث عن الحرية في كتابه "العقد الاجتماعي" .. يقول : وُلد الإنسان حراً لكننا نراه مكبلاً بالأغلال في كل مكان، وإن تَخلِ الإنسان عن حريته هو تَخل عن طبيعته كإنسان.
      وترتبط بقضية الحرية قضية أخرى تواكبها هي " المساواة ".. وتشمل اتاحة الفرص أمام المواطنين في حكم بلدهم بوصفهم موجودات سياسية. ويستهدف النظام الديمقراطي تنمية ملكات الإنسان وقدراته ، أما المجتمعات التي تحكم حكماً ديكتاتورياً أو تسلطياً فهي تقتل مواهب الفرد وتدمر ملكاته .وقد لخص " توماس جيفرسون " فكرة الديمقراطية بقوله : إن الناس خلقوا متساويين .. فقد وهبهم الله حقوقا فطرية لا يمكن التنازل عنها ..وهي تشمل حق الحياة والحرية وحق السعي وراء السعادة. وإذا صح ما قاله "جيفرسون" لكان معني ذلك أن الديمقراطية كنظام سياسي ضرورة تحتمها ماهية الإنسان وطبيعته .. وأن الديمقراطية لا وجود لها بدون مساواة ..ولا مساواة بدون حرية .وخلاصة ذلك أن النظام الديمقراطي بما يكفله من حرية ومساواة وما يحققه من عدالة يصبح هو النظام السياسي الأمثل للإنسان بما هو إنسان. وإذا كانت الديمقراطية تجربة إنسانية فإن المسار الديمقراطي يدعم نفسه ويصحح من أخطائه ويعالج الثغرات كلما تعمقت الديمقراطية .وصدق "روسو" حين قال : " لو أن شعبا من الآلهة لحكم نفسه ديمقراطيا " .



image


ا.د/عماد عبد الرازقي
الديمقراطية أيقونة المفاهيم السياسية.
ا.د/عماد عبد الرازق

الديمقراطية أيقونة المفاهيم السياسية.
      لعلنا لا نبالغ في القول أو نتجاوز الحدود إذا قلنا أن مصطلح الديمقراطية هو من أهم المصطلحات في تاريخ الفكر السياسي سواء القديم منه أو الحديث. فقد شغلت الديمقراطية أذهان المفكرين والفلاسفة والباحثين على مر الأزمان على اختلاف مشاربهم وثقافتهم ومذاهبهم. ومازال حتى عصرنا الحالي تحتل الديمقراطية مكانة كبيرة ومنزلة عظيمة. فالديمقراطية مصطلح له بريق ولمعان، تهفو إليه النفوس وتتطلع إليه العقول وترنو إليه الأبصار. وإذا أردنا أن نقوم بجولة فكرية للتعريف بالمصطلح ،فإننا سوف نرى أن الديمقراطية democracy بالإنجليزية. أما أصل الكلمة فهي تعود إلى المصطلح أو الكلمة اليونانية Demos) ) التي تعني الشعب ،والجزء الثاني من الكلمة كراتوس(Kratos) أي الحكم فتصبح حكم الشعب. أما المعنى الاصطلاحي فهي أحد أنظمة الحكم القائمة، والتي يكون فيها الحكم أو التشريع أو سلطة إصدار القوانين من حق الشعب. ولعلنا نشير في هذا السياق أن الديمقراطية تنقسم قسمين: أولا الديمقراطية المباشرة أو ما يسمى بالديمقراطية النقية حيث يصوت الشعب على القرارات التي تصدر من الحكومة كالمصادقة على القوانين. وسميت مباشرة لان الناس فيها يمارسون حقهم بشكل مباشر في صنع القرار دون وسطاء. ثانيا : الديمقراطية النيابية وهي نظام سياسي يصوت فيه على اختيار أعضاء الحكومة من قبل أفراد الشعب. فهي تمثل حكم الأكثرية ،وهناك نوعا شائعا فيها وهو ما يعرف باسم الديمقراطية الليبرالية والتي تعني توفير الحماية لحقوق الأفراد والأقليات عن طريق سن القوانين وتثبيتها.
      وتمتاز الديمقراطية كمصطلح سياسي بعدة سمات ومبادئ لعل من أبرزها مبدأ حكم الأكثرية ومبدأ فصل السلطات والانتخاب ،ومفهوم سيادة القوانين. ولعلنا هنا نشير إلى حقيقة مهمة وهي أن الديمقراطية مرت بعدة مراحل هي الديمقراطية القديمة ولعل هذا المصطلح يتضح في أثينا القديمة في القرن الخامس قبل الميلاد ،وهو ما يعرف باسم الديمقراطية الأثينية ،وكان مواطنو أثينا القديمة يتخذون قراراتهم مباشرة بدلا من التصويت. هناك أيضا الديمقراطية في العصور الوسطى وقد تطورت هذه الديمقراطية على مستوى القيم وحقوق الفرد الذي نتج عنه قيم الليبرالية التي نشأت مع فلاسفة التنوير مثل لوك وكانط وغيرهم ،وهو ما أدى إلى ازدهار نموذج الديمقراطية الليبرالية. أما الديمقراطية في القرن العشرين فأننا نستطيع أن نطلق عليها موجات من الديمقراطية ،فلم يتخذ توسع الديمقراطية شكل الانتقال البطيء في كل بلد على حدة بل شكل موجات ديمقراطية متعاقبة.
      وفي هذا السياق نستطيع القول أن هناك عدة تصورات أو بمعنى دقيق نظريات تدور حول الديمقراطية، لعل أبرزها ديمقراطية الحد من الأحزاب، والديمقراطية وفق هذا التصور هي نظام حكم يمنح المواطنون فيه مجموعة من القادة السياسيين الحق في ممارسة الحكم عبر انتخابات دورية. خلاصة القول ما تزال تحتل الديمقراطية مكانة مرموقة في عالم الفكر السياسي، ومازالت متصدرة المشهد السياسي، أنها بحق أيقونة الفكر السياسي.



الأستاذ الدكتور / جهاد عودة.
الشعبوية تهديد للديمقراطية.
 د جهاد عودة

      يواصل الشعبويون كسب الأرض حول العالم. في الواقع ، انتخبت الديمقراطيات الأربع الأكثر اكتظاظا بالسكان أنظمة شعبية: ناريندرا مودي في الهند ؛ دونالد ترامب في الولايات المتحدة ؛ جوكو ويدودو في إندونيسيا ؛ وجاير بولسونارو في البرازيل. وفي تقييم عملي وجد المحللون أن( 46) من القادة الشعبيين أو الأحزاب السياسية قد احتفظوا بالسلطة في ( 33 ) دولة ديمقراطية من عام ( 1990 حتى الآن. في البداية ، وعلى الرغم من خلافاتهم ، تشدد الحكومات الشعبية على حجتين أساسيتين. الأول هو أن النخب و "الغرباء" يعملون ضد مصالح "الشعب الحقيقي". والثاني هو أنهم صوت "الشعب الحقيقي" ولا ينبغي أن يقف أي شيء في طريقهم.
يعبد الشعبويون السلطة، يظل الزعماء الشعبويون في مناصبهم ضعف الوقت مقارنة بالزعماء المنتخبين ديمقراطياً. وهم أيضا خمس مرات أكثر عرضة للبقاء في مناصبهم لأكثر من (10) سنوات. عندما يتركون المكتب ، يفعلون ذلك في ظروف مثيرة. ترك( 34٪ ) فقط من القادة الشعبيين مناصبهم بعد انتخابات حرة وذات مصداقية أو احترام المعايير القانونية لبلدانهم ؛ وتم إجبار الباقين على الاستقالة أو عزلهم أو تركهم. يكره الشعبويون المؤسسات الديمقراطية. في المتوسط ، يكون هؤلاء القادة أكثر عرضة للهجوم على المؤسسات الديمقراطية بأربعة أضعاف (23٪) من الحكومات غير الشعبية (6٪). لإنجاز مهمتهم ، يحاول الشعبويون القضاء على الشيكات والتوازنات بالإضافة إلى توسيع السلطة التنفيذية. قام أكثر من نصف القادة الشعوبيين بتعديل الدستور من أجل تمديد فترة ولايتهم ، لإضعاف فروع الحكومة ، أو لإلغاء المعارضة. وهم ينزعون الى الهجوم على سيادة القانون يؤدي إلى ارتفاع مستويات الفساد . الشعبويون يعملون على قمع الحقوق الفردية. في ظل هذه الأنظمة ، انخفضت حرية الصحافة بنسبة( 7٪ )، وانخفضت الحريات المدنية بنسبة( 8٪) ، وانخفضت الحقوق السياسية بنسبة( 13٪.(
      وعلى الرغم من أن الأدلة تشير إلى أن الحكومات الشعبية ، من اليسار واليمين ، تشكل تهديدًا حقيقيًا للديمقراطية ، إلا أننا يجب ألا نستسلم. يجب أن نكون مستعدين لاتخاذ إجراء من جبهتين مختلفتين: الأولى الاعتراف بالمطالبات المشروعة وللمجتمع والاستماع إليها، والثاني هو الدفاع عن المؤسسات الديمقراطية. هذه هي الطريقة الوحيدة التي تستطيع بها الديمقراطيات الليبرالية البقاء. ويتضح بالنسبة لنا معنى الديمقراطية الليبرالية والتي تمييز بين أربعة مفاهيم هي: المبدأ الجمهوري، والديمقراطية، والدستورية، والليبرالية.
      من حيث المفهوم الجمهوري أعني السيادة الشعبية. الشعب ، حسب هذا المبدأ ، هو المصدر الوحيد للشرعية ، وهم وحدهم الذين يمكنهم التصريح بحق لأشكال الحكم. والمفهوم الثاني: الديمقراطية ، على المستوى الأساسي ، وتتطلب المساواة بين جميع المواطنين والمواطنة الشاملة للجميع، إن نكون بصدد مجتمع يكون فيه جميع المواطنين متساوون. والمفهوم الثالث ، الدستورية ، يدل على هيكل أساسي ودائم للسلطة المؤسسية الرسمية ، وعادة ما لا يتم تدوينه كتابيًا دائمًا. هذا الهيكل المقنن "أساسي" لأنه يوفر الأساس لإدارة الحياة العامة. هذا يقودنا إلى المفهوم الرابع والأخير: الليبرالية . يميز "بنيامين كونستانت" بين "حرية القدماء" و "حرية المحدثين". بالنسبة للقدماء ، تنطوي الحرية على "المشاركة الفعالة في السلطة الجماعية" ، أي في الحكم الذاتي المباشر. ومع ذلك ، فإن الحجم الهائل للمجتمعات السياسية الحديثة يجعل هذا الأمر مستحيلاً ، حتى بالنسبة لتلك المجتمعات التي تقوم على مبادئ الجمهورية. يمكن للمرء أن يستنتج ، إذن ، أن حرية الحداثيين تتمثل في اختيار الممثلين من خلال انتخابات حرة ونزيهة يشارك فيها الجميع على قدم المساواة. ولكن هذا ليس سوى جزء من القصة. في الواقع ، يعرض كونستانت "التمتع السلمي باستقلال الفرد" كبديل حديث للمشاركة المباشرة في الحكومة.

اﻟﺪﻳﻦ ﻭاﻟﻤﺠﺘﻤﻊ

د عبد الله شلبي
لماذا الاهتمام بالديمقراطية؟
د عبد الله شلبي

      لماذا تصاعد الاهتمام المحلي والعالمي بقضية الديمقراطية ؟ولماذا يتزايد اهتمام الرأي العام المصري بالديمقراطية ؟ ولماذا تتعالى صيحات المصريين وتتلاقي إراداتهم عند مطلب إنجاز تحول ديمقراطي حقيقي منذ بداية العقدين الأخيرين من القرن العشرين ومطلع القرن الحالي ؟
      بداية ينبغي التأكيد على أن التغيير الذي يشهده المجتمع المصري الآن هو جزء من حركة عالمية ليس لأحد سيطرة عليها، وهذا التغيير يندرج في سياق التحولات الحضارية الكبرى للإنسانية. فمنذ الثمانينيات من القرن العشرين المنصرم هبت على العالم رياح جديدة أخذت تُحدث تغييرات عميقة وجذرية وشاملة في المناخ السياسي العام والسائد على الأصعدة المحلية والدولية . فمع انهيار النظم الشمولية في أوروبا الشرقية وتفكك الاتحاد السوفيتي السابق دخل العالم مرحلة جديدة تختلف في تصوراتها وأهدافها وحوافزها وغاياتها عن الحقبة السابقة. وكان الاتجاه التاريخي العام والحاكم لهذه المرحلة الجديدة هو التحول الإرادي نحو الديمقراطية. وأصبحنا بصدد تيار عام وعالمي ولكن سرعة تحقق هذا التحول الديمقراطي ودرجة اكتماله وقدرته على البقاء والتطور نحو ديمقراطية فعلية هي قضية ترتبط بالظروف الذاتية والتطورات الداخلية لكل مجتمع على حدة كما ترتبط أيضا بموازين القوى السياسية وفعاليات المنظمات والحركات الديمقراطية.
      وعلى امتداد العقدين الأول والثاني من القرن الحالي صارت قضية التحول الديمقراطي قضية حياتية للمواطن المصري الذى يعيش أزمة تحول ديمقراطي محتجز وهي أزمة ممتدة وتؤثر علية وبدرجات متفاوتة، وتتعلق بيومه وغده، وبعيشه وكرامته، وبأمنه وكل مستقبله وإلى الحد الذي أصبحت معه الديمقراطية مطلباً شعبياً أكثر إلحاحا من أي مطلب آخر في الوقت الراهن .
      والديمقراطية مشروع تاريخي يُبنى في ظروف مجتمعية وثقافية محددة وهذا المشروع عملية تاريخية حية ترتبط بحركة القوى الاجتماعية / السياسية الموجودة في الواقع الاجتماعي وصاحبة المصلحة الحقيقية في إنجاز هذا المشروع وجعله حقيقة واقعة. وهذه القوى لها تاريخها وثقافتها السياسية ومطامحها. ويتحقق وعي هذه القوى بالديمقراطية ويتطور، بقدر ما تسهم طلائعها والنخب السياسية والثقافية المرتبطة بها في بناء هذا الوعى، أي في إعادة التفكير في مبادئ الديمقراطية وماهيتها ومقتضياتها وتحديداتها، ونموذج الدولة الديمقراطية على ضوء السياقات التاريخية والمعاصرة السياسية والثقافية للمجتمع المصري.



      وتأسيساً على ما سبق؛ فإن النضال من أجل إنجاز التحول الديمقراطي في المجتمع المصري لا يكون بالدخول في نقاشات ومساجلات كلامية وحوارات قد تبدو بالنسبة لكثير من جماهير شعبنا مجرد "طق حنك" كما يقول أهل الشام، أو جعجعة بلا طحين، أو مجرد كلام لا معنى جَدى له. وإنما أن تدرك هذه الجماهير أن النضال من اجل الديمقراطية هو معركة لبث الوعى بقيمة الديمقراطية وانضاج هذا الوعى في صفوف المصريين العادين لأجل اقناعهم بأن الديمقراطية السياسية والاجتماعية، وبكل مشتملاتهما هي من أجل تجاوز وضعية تهميشهم واستبعادهم وقهرهم، لأجل دفعهم للمشاركة الحرة النبيلة في صنع القرارات المتعلقة بمصيرهم وحياتهم، ولإقناعهم بأن الديمقراطية هي سبيلهم الوحيد والأساسي والضروري من أجل الحرية والعدل من أجل فرصة العمل والخبز، من أجل توفير المسكن والعلاج والتعليم ....، على أسس إنسانية تليق بهم كآدميين. وهذا النضال وهذه المعركة تتم على عدة جبهات، فهي تنطوي على فعل سياسي يؤكد على التكافؤ والمساواة بين جميع المصريين دون تمييز بينهم ويفرض الآليات اللازمة لتحقيق هذا التكافؤ وهذه المساواة . وهى تنطوي على فعل وعمل فكري نشط وفعال يوجه إلى الادمغة الصلبة والبنى الذهنية المتكلسة التي تربت وتشكلت في ظل مناخ معاد للديمقراطية ومشبع بالمحرمات الثقافية والسياسية الوهمية التي تكبل طاقات المصريين وابداعاتهم وتقعدهم عن المشاركة، كما تنطوي أيضا على العمل الجماهيري الفعال الذى يعبأ الجماهير صاحبة المصلحة في إنجاز التحول الديمقراطي ويحشدها ويجذبها إلى ساحة العمل الديمقراطي ينظمها ويحركها في اتجاه إحداث التغيير المنشود الذى يحقق الحرية والعدل لكل المصريين .
      وفي تقديري، توجد ثلاث متغيرات موضوعية دفعت إلى تزايد اهتمام الرأي العام المصري بالديمقراطية خلال السنوات الأخيرة من القرن العشرين المنصرم ومطلع القرن الحالي . ويأتي في مقدمة هذه التغيرات إن القيادات التي حكمت مصر منذ عام( 1952 ) وحتى اللحظة لم تلتزم بالديمقراطية والليبرالية والتعددية ونظرت إلى التعددية السياسية نظرة ريبة وشك خوفاً من أن تكرس الانقسامات الاجتماعية الداخلية فضلاً عن أن الحكام العسكريين لم يعتادوا أو يتمرسوا على الديمقراطية السياسية . وفى هذا السياق يتم الترويج لمزاعم الأولويات الوطنية الأهم من الديمقراطية والتذرع بالأخطار الخارجية والحرص على حماية النظام وحماية المجتمع من التفكك والانهيار...، وغيرها من الأعذار التي ساقها ويسوقها الحكام والتي تدفع في النهاية إلى ترسيخ الاستبداد وحكم الفرد ومواجهة الجماهير بالقهر والاضطهاد والتعذيب والتصفية الجسدية أحيانا .
      والمتغير الثاني هو تعليق الديمقراطية واحتجازها تحت ذريعة الاستعداد للمعركة مع اسرائيل لتحرير فلسطين والأرض المحتلة، ثم المعركة مع الإرهاب وقوى الشر، وبالتالي لا صوت يعلو على صوت المعركة. وهي عبارة حق يراد بها باطل وهو استمرار النخب الحاكمة في احتكار السلطة. وبعد التحرير والقضاء على الارهاب يتم تعليق الديمقراطية من أجل البناء، ومن أجل التنمية في حين أن البناء وإنجاز تنمية حقيقية لا يجب أن يكون عائقا في طريق إقامة نظام حكم ديمقراطي حقيق وسليم واستقراء تجارب التنمية والتقدم في العالم يكشف عن أن التنمية لا تتحقق بمصادرة حريات الشعب واختياراته وحرمان الأحزاب السياسية الوطنية من ممارسة عملها وسط الجماهير.
      ويتمثل المتغير الثالث في حالة الاحباط والسخط التي انتابت الطبقات الوسطى والعاملة بكل شرائحهما بفعل سياسات التكيف الهيكلي والاختيارات الاقتصادية لنظم الحكم التي تعاقبت منذ منتصف السبعينيات من القرن العشرين والتي شجعت على اختلال توزيع الدخل والثروة، واقترن غياب العدالة في توزيع السلطة باختلال فادح في توزيع الثروة وصارت البدائل المتاحة أمام المتضررين من إجراءات التحول الاقتصادي والساخطين، هي التمرد والعصيان المدني والانتفاضات الشعبية والحركات الانقلابية والجهادية وتفجر العنف المدمر. ولذلك تعالى الصيحات وتتلاقي عند مطلب التحول الديمقراطي لمواجهة خطر الاستبداد بالسلطة والثروة، وخطر استبداد الغضب والعنف والتطرف لإنقاذ المجتمع من التفسخ ودوامة العنف، وفى الوقت ذاته تندفع هذه النظم لتأجيل واحتجاز التطور الديمقراطي بذريعة مواجهة الإرهاب والعنف والحفاظ على تماسك الدولة والمجتمع وحمايتها من الفتن فيت مصادرة حريات المصريين ووأدها في نفوسهم وهي وضعية تولد مجتمعاً عصبياً متشنجاً وعاجزاً حتى عن الحلم في ظل الاستبداد والقهر.



د . نبيلة تاجر
المعنى المشوه للديمقراطية
د . نبيلة تاجر

      يرى الكثير في مجتمعنا ان الحرية هي الحل لمعظم مشكلاتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية تشبها بالعالم الغربي الذى ذهبت به الحرية الى العمران والتقدم والازدهار. ولكن ما حدث عندنا هو عكس هذه الصورة تماما فهي مجرد تشدق بالكلمة دون تطبيق جوهرها أو معرفة ماهيتها. مما ادى إلى الوصول إلى حالة من الفوضى والخراب فكل طرف يحاول أن يثبت أنه الأفضل وينتهز الفرص للتسلط والقبض على زمام الامور وفرض السيطرة التي تكون غالبا تحت وطأة الغطاء الديني. وانتهى الأمر إلى فشل تطبيق الديمقراطية. الأمر الذى يرجع إلى غياب المعنى الحقيقي للحرية عن القطاع العريض من الناس والاكتفاء بالمعنى الحرفي للكلمة. والحل هو تنشئة جيل جديد على حرية التعبير عن الرأي واحترام آراء الآخرين واتجاهاتهم منذ الطفولة فيتعلم الطفل داخل الأسرة التفكير السليم واقتراح الخطط لحل المشكلات داخل الأسرة واختيار ما يناسب من ملابس واحترام عقيدة الآخر وجنسه. تساهم في هذا الدور المهم مؤسسات أخرى أهمها المدرسة والجامعة والاحزاب.
      والامر المهم جداً لتحقيق الديمقراطية هو فصل الدين عن السياسة وفصل الإعلام عن السلطة ليكون الرأي والقلم حر . واحترام المرأة ومساواتها بالرجل في الواقع وليس بشكل صوري على الورق فقط وتنقية التراث الذى يرسخ من دونيتها والتقليل من شأنها فإن علامة ارتقاء اي أمة هي رفعة نساءها. والإعلام له دور ايجابي في دعم الصور والتجارب الناجحة للديمقراطية عبر الدراما وخاصة التليفزيونية وهى اقوى الأشكال الإعلامية تأثيراً على المواطن.
      في نهاية مقالي هذا أوكد أن الديموقراطية هي حكم الشعب بمعنى أنها شكل من أشكال الحكم يشارك فيها جميع المواطنين المؤهلين أما مباشرة أو من خلال ممثلين عنهم منتخبين. ومن هنا التأكيد على تثقيف هذا المواطن وتعليمة عبر مؤسسات التنشئة الاجتماعية للقيام بهذا الدور المهم والخطير.



المهندسة / منى توفيق
الديمقراطية و الوعى
المهندسة / منى توفيق

     هل الديمقراطية هي شكل من أشكال الحكم يشارك فيه المواطنين المؤهلين بالتساوي في تطوير القوانين واستحداث قوانين جديدة؟ ومن هو المؤهل؟ هل يستثنى فقط الأطفال و ذوى الاعاقات العقلية؟ و اذا كنا نريد استبعاد اكثر من ذلك فمن له الحق في تقرير المستبعدين. فالسلطة ستستبعد المفكرين والمصلحين أما المفكرين والمصلحين سيستبعدون عبيد السائد والموروث والذين من خلال المؤسسات الدينية والثوابت المجتمعية يتم اقتيادهم لأفكار وقرارات تخدم القلة وتسئ لهم. إن أراد كل فرد مصلحته فهذه هي الديمقراطية وسيحدث ذلك اتزانا في المجتمع ولكن الأغلبية تغيب عمداً فهي تعمل لصالح المؤسسة الدينية بالأساس و لصالح الموروث و لصالح السلطة أرادت ذلك أم لم ترد. وسأتوقف عن تعبير بالتساوي. كيف يحدث ذلك التساوي في مجتمع طبقي بامتياز؟
      ان الطفل هو ابن الوطن وليس فقط ابن لوالديه، ولكن الوطن لا يستطيع ان يقوم بواجباته تجاه هذا الانفجار في تعداد المواليد. فكيف كان الحل؟ ان الحل في بناء وطن داخل الوطن لأبناء الأغنياء فهم لا يركبون المواصلات العامة، ولا يتعلمون في المدارس الحكومية، ولا يتعالجون في مستشفيات حكومية، ولا يستخدمون ما صنع في مصر. وأما أبناء الفقراء فيذهبون الى الجحيم. هم أصوات انتخابية بعد ذلك يتم تجهيلها وخداعها وهم عبيد دون صكوك ملكية. وبسبب انخفاض وعيهم يستمرون في انجاب المزيد من العبيد. أتذكر أن الأميرة ديانا قررت ان ترسل أبنائها إلى المدارس الحكومية لأنها رأت أن ذلك أفضل تعليم. أنا أرى أن هذه هي الديمقراطية . أن يتعلم أبناء وزير التعليم في اقل مدرسة حكومية، وأن تستخدم كل أسرة وزير النقل المواصلات العامة، وأن تعالج كل أسرة وزير الصحة في مستشفيات حكومية، ولكنهم في الوطن الآخر ولا يعانون ما يعانيه الشعب ، قد يلقون له بين حين وآخر ببعض الفتات على سبيل التفضل ويتهلل العبيد لكأنهم يتسولون أو يأخذون ما ليس لهم بالأساس! ثم ندعى ان كل المواطنين سواء أمام القانون وندعى ما هو أكثر من ذلك.
      هناك ديمقراطيات حقيقية أو حقيقة أكثر من غيرها وديمقراطيات كاذبة منافقة . أقنعة ومساحيق تجميل تضعها الدكتاتوريات لكى تزين وجهها القبيح فهي تعمل عمداً على تجهيل المواطنين من خلال سحقهم اقتصادياً و اجتماعياً و اخضاعهم للمؤسسات الدينية و التي تعتبر شريكاً أساسياً في المؤامرة التي تحاك ضد المواطن غير الواعي و الذي قد يضحى بحياته من اجل الدفاع عن رجل الدين الذى اوهمه بأن ينتحر و سمى ذلك استشهاداً ، إن كان فعلا بطوليا عظيماً فلماذا لا تقوم به أنت و أبنائك؟ وهل رجل دين كهذا يريد الوعي والحرية للجميع؟ أم أن الجهل والتحرش والبلطجة هو غذاؤه وضمان بقائه؟ إن انتهاك الأبرياء يحدث يومياً من تحرش وبلطجة ولا عين ترى ولا أذن تسمع ولا حياة لمن تنادى، ولكن محاولة المساس بالسلطة تواجه بعنف وقسوة. فهل السلطة الدينية والسياسية تحمي المواطنين كما تدعي أم تحمي مصالحها فقط ومصالح المواطنين المميزين ؟ نحن كشعب نخدم مصالح القلة . عبيد بلا صكوك . رضينا أم أبينا ، هناك عبيد متمردون ولكنهم عبيد، فالحرية ليست قرار شخصي وهي حالة عامة ستفرض نفسها مع ارتفاع وعي الأغلبية. لست ضد الديمقراطية الحقيقية ولا أحبذ الأناركية ولا الدكتاتورية بالطبع . في وضعنا الحالي أرى أن على كل شخص واعٍ مسئولية رفع وعي المحيطين به وتحريك الإنسان الحر بداخلهم، وسيسمح بذلك ولكن بحدود فالحرية هي عدو كل سلطة مهما ادعت غير ذلك. هو طريق طويل نحتاج فيه لصبر شديد ولأن نزرع ونحن نعلم أننا قد لا نرى الحصاد.



الأستاذة / ابتهال عبد الوهاب.
المرأة والديمقراطية.
الأستاذة / ابتهال عبد الوهاب.

      اكتسبت دراسة المرأة والمشاركة السياسية اهمية متزايدة في السنوات الاخيرة كرد فعل لثورة قضايا حقوق المرأة في العالم ورد فعل للمؤتمرات العالمية للمرأة وان اختياري لدراسة المشاركة السياسية للمرأة جاء لاعتبارات عديدة منها أن المرأة هي نصف المجتمع، تساهم في بنائه وتنميته وتقدمه، كما ان المرأة تقوم بدور مهم داخل الدول، وانه لو نظمت حقوقها واستخدمت امكاناتها الخلاقة يصبح في مقدروها أن تغير من ميزان القوى السياسية وتعمل على نجاح افضل الاحزاب وتختار افضل النواب، بالإضافة الى ذلك تعتبر جزءاً من البناء التشريعي في الدولة كما تساهم المرأة في دفع عملية التنمية في البلاد إذ اثبتت معظم التجارب أن المرأة عنصر حاكم في صنع المستقبل. وعلى الرغم من أن حضارة اليوم قد مكنت المرأة من معرفة حقوقها الانسانية والمطالبة بها والدفاع عنها مثل حقها في التعليم والعمل والممارسة السياسية بما فيها صنع القرار السياسي؛ غير انه بالمقابل تتواجد بعض الآراء المتشددة على مستوى الوطن العربي والاسلامي التي تحرم على المرأة التمتع بالحقوق السياسية والبعض يتخذ الاسلام ذريعة لذلك .والحقيقة أن هذه الآراء تعتمد على الاجتهادات الخاصة لبعض المفسرين الرجال. ومعظم الذين يعترضون على منح المرأة حقها في المشاركة السياسية يستندون إلى ادلة ضعيفة ومبررات تعود إلى العادات والتقاليد والموروثات الثقافية التي اصبحت عقبة تواجه نشاط المرأة السياسي والتفوق فيه.
      وتعكس الصورة العامة السائدة في الوطن العربي بوضوح تقلص الحضور السياسي للمرأة وتقلص مشاركتها في السلطة التنفيذية والقضائية إضافة إلى تقلص دورها ووجودها في السلطة التشريعية وضعف مساهماتها في الانتخابات النيابية أو انتخابات المجالس المحلية أو غير ذلك من الانتخابات فالوعي الاجتماعي والديمقراطي ما زال متأثراً بالفكر المتخلف والموروث.
      لقد واجهت قضية المرأة والديمقراطية بالوطن العربي عوائق وعقبات متعددة لعل أهمها ما يلي:
      - الميراث الثقافي التقليدي الجامد: وهذا الميراث لا يزال مُهيمنا بنزعاته المتحجرة على المجتمع، ميراث لا يزال ينظر إلى المرأة على أنها ناقصة عقل ودين مستنداً في ذلك إلى موروثات نقلية وإلى تأويلات بشرية مغلوطة لنصوص دينية وإلى نظرة متعصبة تبرر كل شيء على أساس الماضي، ولا تكف عن تحقير النساء وسوء الظن بهن والتقليل من شأنهن وضعف آرائهن وانزالهن إلى أسفل الدرجات.
      - التمييز بين الرجل والمرأة في المكانة الاجتماعية: فالزوج وفق الموروثات هو الحاكم المطلق. وعلى المرأة الطاعة والإذعان والتبعية.
      - جماعات التطرف الديني: التي يعادي حرية التفكير والإبداع، وتناهض كل ممارسة اجتماعية خلاقة للمرأة، وتقاوم كل ما تسعى أليه من تقدم. وهذه الجماعات أسهمت في تصاعد العنف في المجتمع سلوكاً ومخاطبة وأفعالاً، كما أسهمت في تكريس تقليدية الخطاب الديني ونمطيته وعدم تجديده بما يواكب متغيرات العصر.
      - تكريس التمييز بين الرجل والمرأة وخاصة من قبل الأنظمة التعليمية: وتأكيد الموروثات التقليدية الجامدة التي تسهم في اشاعتها أجهزة الأعلام مما يفرض المطالبة بتغيير جذري في مناهج التعليم وعلى كل المستويات.
      - إشاعة الثقافة المتخلفة عن مكانة المرأة لحراسة القيم الجامدة والعادات المتحجرة.
      وتحتاج الديمقراطية في ظل كل الظروف إلى مقوماتها الأولية لكي تظهر وتتطور وتتنفذ. مع كل هذا فإنها تحتاج إلى البيئة المناسبة لوجود المؤسسات الدستورية ولا توجد هذه البيئة إلا باحترام مبدأ سيادة القانون، وتطبيق المساواة القانونية، واحترام حقوق الإنسان، ونشر التعليم، والسماح بتشكيل التنظيمات الاجتماعية والنقابية والحزبية، والفصل بين السلطات الثلاث، وممارسة أجهزة الرقابة على أجهزة الحكم، وإقرار التعددية السياسية على أسس غير قبلية وغير مذهبية وغير طائفية، وتأمين مستوى لائق من الكرامة والحاجات الأساسية والخدمية للمواطنين، وتوسيع نشر الثقافة السياسية والآداب والفنون.
      ونظراً لكون المرأة هي المسئولة عن تربية وتعليم الأبناء مما يجعل معاملتها كشريك كامل إلى جانب الرجل أمراً حيوياً لمستقبل الديمقراطية؛ لذلك يتعين الاهتمام بمراكز التأهيل السياسي للمرأة , وبالمنتديات السياسية للمرأة.
      وخلاصة القول، إن الدور الخاص بالمرأة والذى ينطلق من خصوصيتها كانسان لا يلغى دورها العام، وتتحرك المرأة في المجتمع لتفعيل دورها العام من خلال معطياتها الإنسانية، اما الانوثة فهي مرتبطة بدورها الخاص، والحاجات الاجتماعية والسياسية قد تكون أهم واكبر من الحاجات الفردية التي تجيز للمرآه الخروج إلى الحياة العامة، وأن قضية تمكين المرأة سياسياً وتعزيز مشاركتها الفعالة في العمل السياسي مازالت منقوصة بشكل ملحوظ ولم تحظِ باهتمام كبير على أجندة الأحزاب السياسية الحكومية أو المعارضة بشكل عام في العالم وذلك بسبب الواقع الاجتماعي السائد ورسوخ النظرة الدونية للمرأة . وتعتبر مشاركة المرأة في الحياة السياسية مؤشراً ومقياساً على تقدم وتحضر المجتمع، ومن اجل ضمان وتعزيز تواجد المرأة في العملية السياسية في المجتمع يجب تطوير مشاركة المرأة في الأحزاب والحركات السياسية والاجتماعية المختلفة ومنظمات المجتمع المدني التي تهتم بمختلف قضايا المجتمع أو تسعى إلى فتح الطريق امام مشاركة المرأة السياسية وابراز دورها، ويضاف الى ذلك وجود قوانين معاصرة تُقر بالحقوق الاساسية والمشروعة للمرأة وضامنة لحرياتها ومساواتها.



image


دكتور / خيري فرجاني.
الأصوليات الدينية وديمقراطية الاجتثاث.
دكتور / خيري فرجاني.

      تظل الديمقراطية أملاً تتطلع إليه الشعوب، وتسعى إلى تجسيده في واقع حي، وفي ممارسة فعلية حتى يصبح المجتمع، مجتمعاً ديمقراطياً يقوم على أساس الحكم الجيد الرشيد، ولا تنهض الديمقراطية بغير ثقافة تعتمد على التعددية وقبول الآخر، وقد ظهر ما يعرف ب (ديمقراطية الاجتثاث) مع وصول التيارات الأصولية لسدة الحكم، ومصطلح الاجتثاث يعتبر أقسى مفردة للتعبير عن قطع الدابر والخلع من الجذور، هذا المصطلح الذي ادخلته التيارات الأصولية للفكر السياسي، رغم أن هذا المصطلح وهذا المفهوم لا يليق بالفكر السياسي، حيث تترسخ قيم وأعراف الاجتثاث بحيث يتولى كل طرف الدعوة إلى اجتثاث خصمه، وجدير بالذكر أن الذي يغذي ثقافة الاجتثاث هو منطق الوصاية، الذي يدفع التيارات الأصولية إلى الاعتقاد بأنهم يحتكرون الصواب، أو يمتلكون الحقيقة المطلقة. والإشكالية الحقيقية تكمن في مسألة اﻷكثرية العددية، أي حكومة اﻷغلبية التي تمثل العدد الأكبر، وهذه تعرف ب (ديمقراطية الواجهة)، رغم أن مفهوم العدد اﻷكبر يشوبه كثير من الخلط، لارتباطه بالقضايا السياسية والاجتماعية التي تقبل التغير والتطور والاختلاف في الآراء، وحينئذ تصبح الديمقراطية وبالاً على المجتمع إذا تحول مفهوم الأغلبية العددية كمفهوم مطلق ثابت، خاصة إذا ارتبط بالطائفية أو اﻷيديولوجيا، كأن تكون الأغلبية انعكاسا ﻷغلبية طائفية أو قبلية في المجتمع، كما هو الحال بالنسبة للمجتمعات العربية والإسلامية، فلا شك أن هذه الأغلبية العددية لطائفة محددة سوف تهيمن على الساحة السياسية، ليس لقوة حجتها وصحة منطقها في معالجة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن يرتبط وجودها من عدمه باﻷكثرية العددية لتلك الطائفة، ومن ثم تتحول فكرة الاغلبية إلى اجهاض للديمقراطية، كما حدث في الجزائر وفلسطين ومصر حينما وصلت جماعة الإخوان المسلمين للحكم اجهضت الديمقراطية، والتي تعرف بديمقراطية الاجتثاث، فهم كمن صعد على السلم ثم القاه على الارض حتى لا يصعد احد غيره، وهذه الأصوليات الراديكالية تزدهر بقوة في المجتمعات التي ناءت بأنظمة شمولية وسلطوية، حرمتها من حق البلوغ أو حتى الفطام، والسؤال الحاكم هنا، هل يجوز إباحة النشاط السياسي لتيار أصولي لا يؤمن أساساً بالديمقراطية باعتبارها نظام غربي دخيل على الإسلام، يستخدمها للوصول إلى السلطة ثم يكفر بها ويرفضها، حيث أن الأحزاب الدينية والتيارات الأصولية لا تتجاوز الديمقراطية في نظرها سوى العددية الأغلبية، ومن ثم لا يمكن أن تتحقق الديمقراطية بمضامينها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، إلا من خلال نشر ثقافة الديمقراطية، فالديمقراطية يجب أن تكون ثقافة وليست آلية للوصول إلى السلطة من خلال الأكثرية العددية.



image


image


د مرفت العماري
هل الديمقراطية هي فقط حكم الأغلبية؟
د مرفت العماري

      هل الديمقراطية هي فقط حكم الأغلبية؟، وان كانت هذه الأغلبية لا تستطيع أن تحكم على الأمور بشكل صحيح مشوه تقع في مشكلة كبيرة، وكذلك لابد من أن نحدد من يقوم بالاختيار ، وهل كل الناس على درجة واحدة من الوعي؟ لا اعتقد، لذلك لابد من توحيد نظم تعليمية جيدة، وكذلك إعلام له القدرة على بث الوعي و ثقافة الاختيار، ذلك سوف يتم بعد مشوار طويل من التنوير، حتى يكون كل من له الحق في الاختيار على قدر واحد من الوعى تقريباً، فيختار فعلاً ما يعرفه و ما يريده، ولذلك لابد أن نقوم بتعليم الأطفال منذ نعومة أظفارهم كيفية الاختيار في ابسط الأشياء، وحتى لو ما اختاروا خطأً في البداية، ثم يتعلموا من التجربة والخطأ مع الوقت، حتى في اختيار طريقة اللبس ولكن بعد تعريفهم القواعد الخاصة بذلك، أي اننا نترك الطفل يختار بعد اعطاءه بعض قواعد الاختيار ولكن لا نرمي به في البحر ونقول له اختار ، فهي بذرة الديمقراطية ، وطريقة اختيار تعليمه توضح له مزايا هذه وعيوب تلك، له حق أن يختار بعد أن يكون عرف قدراته الفكرية وميوله، فطريق الديموقراطية هو سلسلة طويلة من المواءمات واختيار الانسب الآن في الظرف الحالي، فكل اختيار له وقت مناسب و مكان مناسب وقد لا يناسب في وقت و مكان آخر ، لذلك فالديموقراطية وجهة نظر وتحمل مسؤولية الاختيار و الدفاع عنه، و كذلك دراسة الموقف بعد التطبيق و مراجعة ما اذا كان مناسباً، فالمراجعة لا تعنى التراجع عن الرأي، ولكن تعنى دراسة الموقف بعد التطبيق لفهم اكثر للاختيار ، حتى نرى اذا كان من الممكن اعادة تطبيقه أم نكتفى بمرة واحدة ونختار جديد انسب، بهذه الطريقة يتم ادارة الدول و الحكومات، وهي الطريقة التي يتم بها تطور المجتمعات .

كاتب وكتاب

image

اﺗﺼﻞ ﺑﻨﺎ

رأيك يهمنا

"Show Menu"